الدفع بالدولار والخوف من استخدامها رشوة انتخابية

17 يونيو 2021
الدفع بالدولار والخوف من استخدامها رشوة انتخابية

الكل مدرك أنّ الدعم العشوائي استنزف احتياط مصرف لبنان، وذهب الجزء الأكبر منه إلى التجار والمهرّبين، لعّل مشهد إتلاف حليب الأطفال المنتهي الصلاحية أبرز دليل. البديلُ عن الدعم غير المجدي، بطاقةٌ تمويليّة كَثُر الحديث عنها منذ أشهر عديدة، ولم تقر، رغم اتساع دائرة الفقراء مع كلّ قفزة دولار.
 
اللجان شكّلت لجنة فرعية
المفارقة أنّ اللجان النيابية المشتركة التي إلتأمت لدراسة مشروع البطاقة الوارد متأخرًا من الحكومة واقتراحات نيابية، ألقت بالمهمة على عاتق لجنة فرعية، شكّلتها لتبحث في معضلة تمويل البطاقة الموعودة، برئاسة النائب ياسين جابر وعضوية النواب فريد البستاني محمد الحجار وعلي بزي. التمويل ليس وحده العائق أمام إقرار البطاقة، هناك البيانات المفقودة عن العائلات الفقيرة، إذ لا داتا موحّدة لدى أيّ من مؤسسات الدولة حول عديد الأسر المحتاجة، علمًا أنّ انهيار العملة ضاعف من حجم الفقراء، وأطاح بالطبقة الوسطى، وهناك عدد من المواطنين سيتحوّلون إلى محتاجين بعد رفع الدعم.
 
جابر: غدًا اجتماعنا الأول
أمام اللجنة الفرعية فترة أسبوع لإنجاز المهمة، لكن قد لا يكون الوقت كافٍ لحل معضلة التمويل “سنسعى لإنجاز المهمّة خلال وقت قصير” قال النائب ياسين جابر في حديث لـ “لبنان 24” مؤكّدًا أنّه سيعقد غدًا الجمعة أول اجتماع للجنة الفرعية “دعينا مصرف لبنان، وزارات الإقتصاد الشؤون الإجتماعية والمال لنطّلع على ما لديهم من معطيات يمكن الإنطلاق منها، لاسيّما بمسألة مصادر التمويل. فالنقاش في جلسة اللجان المشتركة كان عامًّا، وتمحور حول احتمال تحويل قروض من البنك الدولي لصالح البطاقة، من دون الدخول في العمق”.
 
التمويل بين مصرف لبنان والبنك الدولي
ليس هناك من اتفاق بين الكتل النيابية حيال مصادر تمويل البطاقة، “تكتل لبنان القوي” يقترح تمويلها من الإحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، وهو ما أعلنه النائب جبران باسيل من المجلس النيابي عقب مشاركته في جلسة اللجان. كتلٌ أخرى ترفض المسّ بالإحتياطي. الحكومة تقترح تمويلها من فتح اعتماد استثنائي في موازنة 2021، بين الطرحين برز اقتراحُ الإستفادة من قروض البنك الدولي لمشاريع غير منفّذة، وتحويلها لتمويل البطاقة.
 
روكز: استخدام البطاقة في البازار الإنتخابي
النائب شامل روكز  في حديث لـ “لبنان 24” شدّد على وجوب أن تترافق البطاقة وترشيد الدعم أو وقفه “فالدعم بالطريقة الحاصلة نهبٌ للبلد. على سبيل المثال من أصل ألفي رأس بقر مستورد بالسعر المدعوم، يتم الإستفادة من 50 رأس للسوق المحلي والباقي يُهرّب، وكذلك حال المحروقات وسلع أخرى. وترشيد الدعم يحقّق وفرًا أكثر من 3 مليار دولار، في حين أنّ تمويل البطاقة لا يكلّف أكثر من مليار و200 مليون دولار لتغطية 750 ألف عائلة، والدفع بالدولار وليس بالليرة بقيمة 137 دولار لكل أسرة”. 
 
أبعد من التمويل، تكمن معضلة الشفافيّة المفقودة في إيصال البطاقة إلى مستحقّيها، فالقانون سيصدر بالنهاية يقول روكز “لكن عندما تصبح البطاقة بعهدة الوزارات والمؤسسات، هناك خوف لدى عدد من السياسيين وأنا منهم ولدى الناس، من أن تتحوّل إلى بطاقة انتخابية من قبل جماعة الأحزاب فتدخل التنفيعات، خصوصًا أنّها تتزامن والتحضير للإنتخابات النيابية. فلنأخذ مثلا المساعدات الممنوحة من الخارج لوزارتي الصحة والزراعة وغيرهما، كالشتول والأسمدة ومستلزمات طبيّة كيف تستقر بيد الأحزاب، وبالتالي المساعدات الخارجية سرعان ما تستثمرها الأحزاب، وهذا أمر مؤسف، لقد خربوا البلد ويستثمرون بوجع الناس”.
 
البستاني: البنك الدولي أبدى استعداده
في جلسة اللجان المشتركة قال وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة أنّه لا يملك أي داتا، أمّا وزارة الشؤون الإجتماعية فلديها داتا قديمة جدًا وبحاجة إلى تحديث، ومراكزها تعمل في المناطق على تسجيل الأسر، ولكن عملها سيستغرق وقتًا.
 
في السياق لفت النائب فريد البستاني في حديث لـ”لبنان 24″ إلى أنّهم في تكتل “لبنان القوي” اعتمدوا قاعدة معاكسة، إي أنّ تشمل البطاقة كلّ الأسر اللبنانية، ولاحقًا يتم إجراء التعديلات بعدما تغربل العائلات نفسها، فمن يملك حسابًا مصرفيًا يُستثني تلقائيّا من الإستفادة، وكذلك الأسر التي تملك 3 سيارات ويظهر ذلك من خلال داتا الميكانيك. “بتقديري أنّ المعدل التي سوف تصل إليه البيانات لن يتجاوز 600 ألف أسرة محتاجة. والتكلفة 600 مليون دولار ولن تتعدى بأحسن الأحوال مليار دولار، وبذلك نوفّر ما يُهدر على الدعم من خلال رفعه تدريجيًّا”.
 
عن التمويل لفت البستاني إلى أنّ البنك الدولي أبدى استعداده لإعادة الأموال من قروضه التي كانت مخصّصة لمشاريع لم تنفذ “إجتمعت بممثلي البنك الدولي في المجلس النيابي الأسبوع الماضي، بحيث أبدوا استعدادهم لتحويل 958 مليون، قد يُخصص 300 مليون دولار منها لتمويل البطاقة، وهناك 246 مليون دولار من قرض البنك الدولي لشبكة الأمان وتشمل 250 ألف عائلة، هناك أيضًا جهات دولية مانحة أخرى أبدت استعدادها للمساهمة، واشترطت أن تدفع مباشرة للعائلات، وليس عبر الدولة نظرًا لأزمة الثقة”.
 
بأي حال نقل البنك الدولي الأموال التي كانت مخصّصة لمشاريع تأخّر تنفيذها، كبحيرة القرعون وسد بسري، لصالح البطاقة الموعودة، هو أمر لا يحصل بين ليلة وضحاها بل يحتاج إلى مسار تفاوضي معه، والحكومة شبه مغيبة عن المشهديّة برمّتها، فهل تبصر البطاقة النور وهل تصمد العائلات إلى ذاك الحين في ظل موجات الغلاء الفاحشة ؟