كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”: “محاولة شركات التأمين ومختلف القطاعات الإقتصادية ابتداع طرق وهندسات مالية تضمن استمراريتها، لا يمكن فصله عن “وجود نظام شرس “يعوم” على “جثث” جميع من في الوطن ليبقى يتنفس”، بحسب الكاتب في الإقتصاد السياسي د. بيار الخوري. “فهذا النظام اللاعقلاني المستعد لتدمير كل شيء ليبقى موجوداً، أدخل الجميع في متاهة لا مخرج منها إلا بتحرير سعر الصرف. وهذا ما طالبنا به منذ بدء الأزمة قبل عامين. إلا أن ضرورة استتباع مثل هذا القرار بتحرير الأجور، وتحويل التزامات الدولة من سعر صرف 1515 إلى السعر الحقيقي، جعل المسؤولين يرفضونه. نأت الدولة بصفتها المستدين الأكبر بنفسها وحملت القطاع الخاص والمواطنين عبء الأزمة.
فدين الدولة بالليرة المقدر قبل الأزمة بـ 75 تريليون ليرة، أصبح مع انهيار سعر الصرف يساوي 5 مليارات دولار، بدلاً من 50 ملياراً. ما يعني أن الدولة “نفست” 95 في المئة من دينها بالليرة اللبنانية عبر تحميل الدائنين والشركات والضمان الإجتماعي… وغيرها الكثير من المؤسسات ثقل الدين. بمعنى آخر لقد “سرقت” 45 مليار دولار، من أمام جميع القطاعات وتركتها تتخبط بعضها ببعض الآخر. وما يحصل اليوم مع شركات التأمين هو عينة عن هذا الوضع. حيث تلجأ الشركات إلى تسديد إلتزاماتها عبر الشيكات المصرفية وتترك للمؤمن خياراً من ثلاثة: إما قبض الشيك بـ 3900 ليرة أي بخسارة أكثر من 70 في المئة من قيمة التأمين، أو وضعه في الحساب والإنتظار، أو تسييله على 1500 ليرة وخسارة 95 في المئة من قيمته.
المأزق “الصحي” مع شركات التأمين مرشح للتصاعد بوتيرة مخيفة في الأيام المقبلة. فارتفاع سعر الصرف المترافق مع “تقطير” مصرف لبنان اعتمادات استيراد الأدوات الطبية المدعومة، لن يترك المؤمنين من دون تأمين فقط، بل سيحرمهم أيضا من إمكانية الإستشفاء على حسابهم. فـ”أكثر من 73 في المئة من شركات استيراد المعدات الطبية تتوقف تدريجياً عن الإستيراد من الخارج” بحسب نقيبة مستوردي المواد والأدوات الطبية سلمى عاصي. وإن لم يتم فتح الإعتمادات فستتوقف هذه الشركات كلياً عن تزويد السوق المحلي باحتياجاته كونها لا تتعامل بـ”الكاش” أو النقدي.