على الرغم من أن الحديث ايراني اليوم، حيث ستشهد البلاد انتخابات رئاسية على وقع اجتماعات فيينا النووية المستمرة، الاّ ان الواقع اللبناني المتردي يفرض نفسه بنداً أولاً على جميع الملفات الأخرى. ولعل الاجتماع الدولي الذي عقد لمساعدة الجيش اللبناني للتصدي للأزمات التي تعصف بالبلاد لهو خير دليل على حجم الانهيار الكبير الذي تصل اليه البلاد.
وفي وقت فشل الاتحاد العمالي العام أمس في الحشد للتظاهر، على الرغم من دعم أحزاب السلطة له والمشاركة فيه، أطل وزير الطاقة ريمون غجر ليبشر اللبنانيين بأن الدعم سيتم رفعه عن صفيحة البنزين والتي قد تلامس الـ200 الف ليرة لبنانية وبالتالي فهي ستصبح للفئة الميسورة فقط.أما في الملف الحكومي، فقد دخلت البلاد في شبه هدنة سياسية بعد حرب البيانات الرئاسية بين بعبدا وعين التينة ولم يحصل اي تطوّر جديد او اتصالات باستثناء تأكيدات بأن اتصالات التهدئة التي يقوم بها حزب الله وفرنسا عبر السفيرة في بيروت آن غريو ستستمر الى الاسبوع المقبل، فإن نجحت في إعادة الهدوء السياسي امكن البحث مجددا في استئناف مبادرة بري أو مناقشة الافكار التي تقدم بها الاطراف ولو بصيغ جديدة. في هذا الاطار، يصل الموفد الفرنسي باتريك دوريل يصل اليوم الى بيروت على ان يبدأ اجتماعاته مع المسؤولين وان زيارته تحمل فرصة اخيرة امام المسؤولين اللبنانيين في الملف الحكومي على قاعدة الجزرة والعصا التي تسير بها فرنسا راهناً جنباً الى جنب مع الاتحاد الاوروبي.
التأليف معطلاذاً، بدا الرئيس المكلف سعد الحريري جازماً في الثبات على خيار التأليف حين قال لـ”النهار” امس ان الاولوية هي للتأليف قبل الاعتذار الذي يبقى خياراً مطروحاً وهو ليس هروباً من المسؤولية بقدر ما هو عمل وطني اذا كان يسهل عملية تأليف حكومة جديدة يمكن ان تساهم في انقاذ البلد. ولا يمكن اعتبار الخطوة فيما لوحصلت انتصاراً لفريق على ركام بلد.واذ يشير قريبون منه الى انه يملك الخطة الانقاذية، والنهوض ليس مستحيلا لكنه يحتاج الى جهد والى بعض الوقت، يأسف هؤلاء لخوض معارك على حكومة لا يتجاوز عمرها العشرة اشهر، مع اجراء الانتخابات النيابية المقبلة، وينقلون عنه رفضه بشكل قطعي احتمال التمديد لمجلس النواب وقوله “اذا طرح الموضوع سنستقيل حتماً”.لكن مصادر مطلعة عن كثب على الوضع العام اكدت لـ”اللواء” انه حتى الآن لا أجواء ولا اجوبة واضحة عن مسار الامور مستقبلاً، وإن كان الجميع يتهيب المرحلة ويحذر من مضاعفات ما يجري.وخلافاً لما تردد علمت “اللواء” من مصادر متطابقة مطلعة انه لم يحصل اي لقاء بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا من اجل تهدئة الاجواء التي نتجت عن تبادل البيانات التصعيدية بين رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي، وان كان هذا لا يعني انه لن تجري اتصالات لتبريد الاجواء المحمومة تمهيدا لعودة مساعي تسهيل تشكيل الحكومة.عون يتحركأما في قصر بعبدا، وبينما عمل “حزب الله” خلال الساعات الأخيرة على لملمة فضيحة التراشق الرئاسي بين حليفيه في بعبدا وعين التينة، بشكل انعكس سلباً على صورة أكثريته الحاكمة، لفت مصدر مقرب من الرئيس عون إلى أن “رئيس الجمهورية لا يملك الصلاحيات لكي يغير الواقع كنزع التكليف من يد الرئيس المكلف، بل جلّ ما يستطيع فعله عون في الوقت الراهن في ظل ضيق الخيارات الدستورية والسياسية لديه، هو مخاطبة الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي برسالة يشرح بالتفصيل حيثيات وظروف التكليف والتأليف”.في المقابل، لفتت “نداء الوطن” الى ان عون يحضّر الأرضية اللازمة لإطلاق “مبادرة جديدة” لحل الأزمة الحكومية، كما نقل العونيون أمس، وهي خطوة رأتها مصادر سياسية “مزدوجة الأهداف، يرمي من خلالها عون إلى “القوطبة” أولاً على مبادرة بري وطيّ صفحتها عبر إطلاق مبادرة رئاسية مستحدثة، وثانياً إلى قطع الطريق أمام أي زيارة محتملة قد يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا حاملاً معه تشكيلة محدّثة من 24 وزيراً بالاستناد إلى مبادرة رئيس المجلس النيابي، على اعتبار أنّ التشكيلة التي سيقبل رئيس الجمهورية مناقشتها مع الرئيس المكلف يجب أن تندرج تحت سقف المبادرة العونية المستجدّة”.