التجييش الطائفيّ يضاعف من استسلام اللبنانيين
كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”:
لا أجوبة «علمية» يمكن الخروج بها عن حالة الخدر التي يمر بها اللبنانيون، فلا تصبح ردة الفعل على مآسيهم جماعية. المشهد الحقيقي هو حالة الفقر لا حالة الحجوزات إلى قبرص وأوروبا ولا عودة الحياة إلى المطاعم والمسابح، وما ينفقه بعض العائدين من الاغتراب. ما ظهر حتى الآن أن اللعب على وتر المساعدات بعد انفجار المرفأ، التي أمّنتها القوى السياسية والجهات الدينية، أعاد الناس إلى القبلية والطائفية، وعادت الأحزاب تتحكّم بإدارة «مناطقها وناسها»، إنْ عبر المؤسسات الدينية أو عبر القنوات الحزبية. لكن ما زاد من حجم الارتداد الطائفي والمذهبي، الشحن السياسي بشأن قضايا مفصلية، فتعمّقت المشكلة الاجتماعية الممزوجة بالمشكلة البنيوية للنظام في حالته الحاضرة. فلم يعد ممكناً الكلام عن حلول خارج منطق إيجاد حلول جذرية للنظام، ومعه معالجة الانبعاث المتجدّد للحالة الطائفية المتمثلة تحديداً بهذا الاستسلام إلى قيادات سياسية ومالية، رغم إمعانها في تهشيم حياة اللبنانيين، فيصبح التجييش الطائفي أهم من الحصول على دواء وخبز وبنزين.
من هنا تُستكمل مجموعة الأسئلة حول الانتخابات النيابية المقبلة، وإمكانات التغيير فيها. فالانتخابات التي تُترجم منذ أكثر من شهر تحركاً لماكينات الأحزاب، هل تقدر أن تنتج برلماناً مغايراً عن الموجود؟ وهل يمكن الرهان على مجلس نواب خارج إطار المنظومة الحالية، ما دام أول اشتباك حادّ جعل الاستنفار الطائفي يصل إلى قمته؟ ومن يعرف أمنياً ما حصل من اتصالات في الساعات التي سبقت يوم الخميس الماضي وتلته، يدرك حجم التجييش الطائفي وأهمية المحاولات التي جرت لاحتواء مبكر لتوتير الوضع ميدانياً في مناطق حسّاسة.