بعد كل السنوات التي خاص فيها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل غمار الحياة السياسية، يجب ان يكون قد ادرك ان اسلوبه وطريقته في العمل السياسي، وبعيدا عن احقية مطالبه او عدمها، تستفز القوى السياسية عموما، الامر الذي خلق له اعداءً ، حتى من بين حلفائه.
مع بري
ورث باسيل “اللاكيمياء”بين الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري، فكان رأس حربة في المعركة المفتوحة مع رئيس المجلس النيابي، وكرس الخصومة الثنائية، بالرغم من معرفته، ان بري، احببته ام كرهته، مدخل اساسي لهذا النظام. عناد باسيل جعله يشعل الحرب مع عين التينة حتى لو كانت هذه الحرب تكبل عهد ميشال عون،وهذا ما حصل في النتيجة.مع الحريري
مع الرئيس سعد الحريري الوضع مختلف، والتفاهم والمرونة كانا اساسيين في علاقة الرجلين، ويقال ان الحريري لم يكن يرغب بدخول قاعة مجلس الوزراء اذا لم يكن باسيل حاضرا. “الكيمياء” سرت بسرعة بين الرجلين، لكن باسيل لم يضع اعتبارات الحريري في الحسبان، فما يطلبه باسيل من “حزب الله” راهنا، اي هامشاِ واسعاً في السياسة لمخاطبة شارعه، كان يحتاجه الحريري، لكن باسيل لم يعطه اياه، لا بل اصر على ان يظهر كالمخلص امام جمهوره، وبصورة البطل الذي يستعيد”الصلاحيات المسلوبة” ويعيد المسيحيين الى السلطة دفعة واحدة، متناسيا حليفه المستجد سعد الحريري، الذي لم يتحمل ضغوط الشارع السني الذي وصفه بالضعيف والمستسلم امام باسيل.
انتهى التحالف وبات الحريري عدوا لباسيل، غير قادر حتى على النظر اليه ورافضا للاجتماع معه.
مع جنبلاط
في الجبل، وبالرغم من الرغبة الدائمة لجنبلاط بالتحالف مع “التيار” لاسباب انتخابية، وبالرغم من كون جنبلاط يتخطى عادة فكرة الانسجام الشخصي في السياسة، الا ان اصرار باسيل على اللعب على الوتر الدرزي – المسيحي في الجبل، وهو خطاب مربح انتخابيا في المناسبة، ادى الى التدهور الكامل للعلاقة مع الاشتراكي، حتى وصلت الامور الى حادثة قبر شمون.
يعرف باسيل ان جنبلاط يُستفز من استعادة اخبار الحرب وخطابها، ولاجل ذلك يستعيدها. يسعى باسيل الى بلورة زعامته بالاشتباك مع جميع الاقوياء لكن هكذا سياسة لن تكون مربحة بالضرورة.مع “القوات”
تحالف باسيل مع “القوات اللبنانية” في عز قوة التيار، وخسرهم. والسؤال الافتراضي لو بقيت “القوات”حليفة للتيار وحصلت على حصتها من التعيينات والوزارات، ألم يكن ذلك ليجنب باسيل جزءا كبيرا من الهجوم السياسي والاعلامي الذي يطاله اليوم، لا سيما في الشارع المسيحي عموما والقواتي خصوصا؟والاخرون
خلاف باسيل مع فرنجية متعدد الاوجه، ولا محاولات جدية مع ميريام سكاف لتحسين الواقع المشترك بالرغم من المصلحة الانتخابية، اما مع “سنّة الثامن من اذار “فعلاقة توتر ونفور دائم …لم يبق لباسيل سوى “حزب الله”.لكل حزب في لبنان حلفاء الا باسيل الذي لم يبق له سوى حليف واحد هو حزب الله ، ورغم ذلك، يصر على” اللعب معه على حافة الهاوية”.داخل حزب الله جناح لا يستسيغ باسيل وجناح آخر يؤيده، لكن الذي يحسم الموقف هو الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، وهو الذي يشجع على تمتين التحالف مع رئيس التيار.في الايام الاخيرة، بات بعض قياديي “التيار” يتوجهون بالمباشر الى السيد نصرالله، ويحملونه مسؤولية السكوت عن الفساد، فيما يلعب اخرون على وتر الخلاف مع حركة امل، مع معرفتهم بان العلاقة مع بري وامل هي خط احمر لدى نصرالله لا يسمح لاحد بتجاوزه.فهل يريد باسيل خسارة اخر حصونه السياسية؟ليس مفهوما ماذا يريد باسيل، هل يريد ان يعيد تجربة العام ٢٠٠٥ الانتخابية عندما كان الرئيس عون فيها وحيدا ، فحقق “التسونامي الانتخابي”؟ يعلم باسيل ان الظروف مختلفة ولا يمكن تكرارها لاسباب كثيرة، لكن اصراره على افتعال كل هذه المعارك السياسية من دون اجراء تقييم لنتائجها ليس بالتأكيد مفيدا في خطة تعزيز الحضور السياسي والشعبي، كما ان خسارة كل هؤلاء الحلفاء في سنوات قليلة ليس عاملا صحياً بالتأكيد…ويختصر مصدر متابع لباسيل وعلى معرفة طويلة به ” من ايام البترون” الوضع بالقول” باسيل حرتقجي يهوى المعارك المجانية ولكن الحرتقة في السياسة يدفع ثمنها هو قبل سواه وعليه ان يتعظ”.