ما زال رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يعتمد أسلوب المناورة في الملف الحكومي، حتى أنه ما زال “يُكابر” على القبول بأي حل أو تذليل للعقبات أمام حليفه “حزب الله”.
وعموماً، فإن ما بينته المعطيات الأخيرة هو أنّ الحزب رفع القصاص الذي وضعه جزئياً على باسيل بسبب المماطلة والشروط التعجيزية التي يحملها الأخير في مسار تشكيل الحكومة. فبعد توقف الاتصالات لأيام معدودة بين الطرفين، عادت الاتصالات لتنشط من جديد، وأول الغيث في هذا الإطار كان في اجتماع عاجلٍ وسري بين رئيس “الوطني الحر” ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا، مساء أمس.
وتقول مصادر”لبنان24″ المتابعة أن القرار بعقد الاجتماع الأخير اتخذ خلال اليومين الماضيين، وتحديداً بين يومي الإثنين والثلاثاء. أما الأمر الأبرز فهو أن توقيت الاجتماع بقي طي الكتمان إذ لم يكن يعلم به سوى المقربون من جهة باسيل أو من جهة صفا.ورغم أن “الاجتماع لم يتوصل إلى نتائج إيجابية”، بحسب ما ذكر “لبنان24″ يوم أمس، إلا أنه يعتبرُ دلالة واضحة على محاولة جديدة لـ”حزب الله” بهدف دفع باسيل إلى تليين مواقفه والتنازل قليلاً. إلا أنه حتى الآن، فإن ما تكشفه المصادر هو أن “الطريق مسدود أمام الاتفاق، ولا سُبل واضحة لأي حلحلة تقود نحو تسهيل ولادة الحكومة في القريب العاجل”.
وإلى جانب هذا الأمر، ترى المصادر أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أراد بشكل أو بآخر “تأديب باسيل”، إذ لم يُمانع “مقاصصته من قبل حزب الله”، لكنه في الوقت نفسه لا يريدُ أن “يكسر الجرة معه” نهائياً.
ولهذا، كان بري موافقاً على إعادة تفعيل خطوط التواصل بين باسيل و “حزب الله”، ولكن من دون أن يدخل الوزير علي حسن خليل على الخط بشكل مباشر خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً بعد البيان الناري من بري باتجاه رئاسة الجمهورية، الأسبوع الماضي.
وفعلياً، فإن هذا الأمر يعني أن الخطوط بين حركة “أمل” وباسيل باتت تشهد تذبذباً واضحاً وقد تكون منعدمة. ولذلك، تمّ اسناد مهمة التواصل المباشر إلى وفيق صفا بصفته قناة الاتصال المباشرة بين الحزب وباسيل. وبعدها، تُبلغ قيادة “حزب الله” حركة “أمل” ما توصلت إليه المباحثات من مُعطيات.
أما على صعيد التواصل بين الرئيس المكلف سعد الحريري و “حزب الله”، فإن الشخص الموكل إليه هذا الأمر هو السيد حسين الخليل، المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله. ووفقاً للمعلومات، فإن الخليل، وبالتنسيق مع علي حسن خليل، يُبلغ دوائر الحريري بما تؤول إليه الاتصالات المرتبطة بالملف الحكومي، وذلك في سبيل استطلاع المواقف.
مهادنة “حزب الله” لباسيل.. هل ستستمر؟
وبشكل أو بآخر، فإن ما يتبين هو أن “حزب الله” بات يضيقُ ذرعاً بباسيل، ومكابرة الأخير باتت تُحرِج الحزب خصوصاً في مدى قدرته على إيجاد حل. وهنا تقول مصادر سياسية متابعة: “حزب الله مثل أي طرف آخر يراقب وينتظر ما ستؤول إليه محادثات فيينا بين الأميركيين والإيرانيين، وقد يرى في ذلك تأثيراً على مسار المنطقة وبالتالي تشكيل الحكومة”.
وتضيف: “اليوم حزب الله يعتبر نفسه لاعباً أساسياً في الحال والجميع يراهن على أنه يمون على باسيل، لكن ما تبين هو أن الأمر ليس كذلك. إن رئيس ” التيار الوطني الحر” يُمعن في المكابرة وهذا أمر قد لا يكون لدى الحزب نفس طويل لاستيعابه. بشكل أو بآخر، فإن حزب الله ما زال يسعى لاحتواء باسيل، لكن ذلك قد لا يطول كثيراً”.
ومع ذلك، تكشفُ أجواء الاجتماعات الداخلية، وفقاً للمصادر، عن امتعاضٍ كبير لدى قيادة الحزب من سلوك باسيل الأخير. وفي ظلّ ذلك، فقد بات هناكَ كلامٌ يخرج إلى العلن مفاده أن ما يتبين هو أن باسيل بات يعلو فوق الحزب ويدفع الأخير للسعي وراءه واستجدائه القبول بالحل. وضمنياً وعبر هذا الأسلوب، فإن باسيل يُراهن على تطويع الجميع تحت يديه، حتى الحزب أيضاً.
وهنا، فإن الأمر هذا بات يستفز جمهور “حزب الله” وحتى “حركة أمل”، لأن ما تبين هو أن رئيس “الوطني الحر” برفضه أي اتفاق أو تسوية للحكومة، يؤخر الوصول إلى حلول تؤدي إلى وقف الانهيار الذي بات يضربُ عقر الشارع الشيعي ويضعُ الناس أمام خيارات صعبة.
ولهذا، فإن مهادنة “حزب الله” مع باسيل لن تدوم كثيراً لأنّ شارع الأول بات في حال تململ شديد، حتى أن صبر برّي سينفد في حال بدأ جمهور الثنائي الشيعي يعاني بشكل أكبر من الأزمة. وإزاء كل ذلك، فإن ما كشفته المعلومات أيضاً أنه كان هناك سعياً من قبل مجموعات مناصرة للحزب، لإطلاق حملة ضد باسيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه جرى التدخل فوراً وطُلِب من الجميع عدم الإقدام على ذلك منعاً لانفلات الأمور.
وبحسب المصادر، فإنّ “أي حركة غير محسوبة في شارع حزب الله سترتد سلباً عليه ولن يتم السكوت على ما يحصل من مماطلة، لأن الوضع الاقتصادي وشح المحروقات والمواد الغذائية بات يستهدف الجميع”. وتضيف: “هكذا سوف يتحسس جمهور الحزب الأزمة بشكل كبير ومن مصلحة حزب الله التسريع بالحلول المطلوبة خصوصاً تلك المتعلقة بالشق الاقتصادي والحياتي”.