كتبت “نداء الوطن”: لعلّ اجتماع “سراي بعبدا” لتنظيم حركة السير و”تخفيف الازدحام والمخاطر” أمام محطات الوقود كان مفيداً أكثر من اجتماع “قصر بعبدا” الذي لم يتمخّض عما يساعد في مسح وصمة الذلّ عن جبين الناس، فكرّس شكلاً ومضموناً تخبط الطبقة الحاكمة وعجزها عن إنتاج الحلول أو حتى إدارة التفليسة بالحد الأدنى.
فبينما تأتّت بارقة “النور” الوحيدة أمس من تقديم قائد الجيش العماد جوزيف عون 8 ملايين ليتر مازوت من مخزون الجيش الاستراتيجي “لتبقى بيوت الناس مضاءة” عبر المولّدات الخاصة، خرج المجتمعون في قصر بعبدا برئاسة العماد ميشال عون بخلاصة عقيمة مفادها “صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل” وفق تعبير مصادر سياسية، ربطاً بإقرار مبدأ فتح اعتمادات الدعم لشراء الفيول على أساس سعر 3900 ليرة للدولار، لكن مع ربط القدرة على تنفيذ القرار عملياً بتغطية قانونية غير مؤمنة حكومياً وتشريعياً.
وأوضحت المصادر أنّ المجتمعين خلصوا بعد مناقشة معمّقة بحضور حاكم مصرف لبنان إلى عدم إمكانية اتخاذ هكذا قرار “اعتباطياً من دون تشريعات ذات صلة من المجلس النيابي سواء في ما يتعلق بالبطاقة التمويلية أو “الكابيتال كونترول” أو كل ما له علاقة بمختلف استخدامات الاحتياطي الإلزامي، وبناءً عليه، في ظلّ تمنّع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عن عقد مجلس الوزراء لاتخاذ قرارات تغطي دستورياً وقانوناً الاقتراض التمويلي من مصرف لبنان، كان التعويل محصوراً بمجلس النواب لإقرار القوانين المطلوبة للسير في هذا الاتجاه”.
وعلى الأثر، رغم مقاطعة دياب اجتماع بعبدا، سعى رئيس الجمهورية إلى محاولة استمالته للتعاون في مسألة ترشيد الدعم عبر اتصال هاتفي أجراه معه خلال انعقاد الاجتماع، غير أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال بقي على موقفه الرافض لانعقاد الحكومة، فسارع حاكم المصرف المركزي إلى رمي كرة المسؤولية عن كاهله عبر التشديد في بيان على الحاجة إما إلى “التجاوب الحكومي” أو إلى “تغطية قانونية” من مجلس النواب.
غير أنّ أوساطاً ممانعة أكدت جازمة مساءً أنّ دياب “مهما سيحور ويدور” لن يجد مهرباً من التوقيع على استخدام التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان لقوننة عملية ترشيد الدعم على المحروقات، آخذةً عليه أنه “كان أول من ناشد باستخدام الإحتياطي الإلزامي، فكيف له اليوم عندما حلّت ساعة التوقيع على استخدام التوظيفات الإلزامية أن يقرّر العزوف عن تحمّل مسؤولياته؟”.
وفي خضمّ تقاذف “كرة التفليسة” بين عون ودياب وسلامة وصولاً إلى وضعها في مرمى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعلى وقع تنامي حركة قطع الطرق بشكل ملحوظ خلال الساعات الأخيرة، توقع مراقبون أن يساهم ارتفاع منسوب الضغط في الشارع، مع رصد بوادر “قبة باط” من جانب “حزب الله” لتحريك شارعه ميدانياً، في دفع رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى الرضوخ واتخاذ قرارات متصلة بتغطية تمويل عمليات ترشيد الدعم من التوظيفات الإلزامية.