قبل مدة، كانت هناك نظرية متداولة تقول بأن احدا لا يريد للبنان ان ينهار، وان اقصى ما يمكن القبول به هو ان يكون على حافة السقوط من دون ان يسقط. هكذا بنى كثيرون”استراتيجياتهم اللبنانية” معتمدين على فكرة وصول الدعم فور اقتراب البلد من الانهيار الكبير.
تقوم النظرية على فكرة ان الولايات المتحدة الاميركية لن تقبل بالانهيار الكامل على لان حزب الله سيستغله ليسيطر عمليا على البلد، وسيستفيد من سقوط الهيكل والاحزاب الحليفة لواشنطن والقطاع المصرفي من اجل تعزيز نفوذه وقوته.تعززت هذه النظرية بالتزامن مع الازمة، حيث شعر المتابعون ان هناك رغبة بعلاجات موضعية تقوم بها الولايات المتحدة لتحصين مؤسسة من هنا، او لمنع حصول كارثة اجتماعية من هناك، فالجيش مثلا يجب ان يكون بعيدا عن فكرة التشظي.
هكذا بدأ الجيش يحصل على اشكال مختلفة وبسيطة من الدعم خلال المرحلة الماضية بإعتبار ان الازمة بدأت تطال عناصره، وهكذا منعت مراراً معامل انتاج الطاقة الكهربائية من السقوط النهائي مع ما يعنيه ذلك من دخول مستوى مختلف من الانهيار.لكن ما حصل في الايام الماضية اوحى بشيء مختلف، اذ ان المؤشرات والتحليلات والقراءات التي ترافقت مع مؤتمر دعم الجيش اللبناني الذي نظمته باريس اوحى بأن الدعم كان خجولاً وان خطوات مباشرة وسريعة وفعلية لم تحصل، ما يطرح اسئلة مرعبة.كذلك فقد شكل الاعلان العراقي بزيادة كمية الفيول المصدرة الى لبنان باباً لتعزيز فكرة منع الانهيار الكامل، لكن المؤشرات ايضا بدأت توحي بأن الامور في هذا المجال ليست بالسلاسة التي يصورها الاعلام، بل ان عراقيل من هنا وهناك ظهرت وستظهر تباعا.اسئلة كثيرة تطرح اليوم، هل إتُخذ القرار بالانهيار؟ وهل ان نظرية رفض واشنطن لسقوط الهيكل في لبنان كانت نظرية غير مبنية على وقائع؟ هل سيُترك اللبنانيون لمصيرهم فعلا؟ قد تكون الايام القليلة المقبلة كفيلة بالاجابة على كل هذه الاسئلة.