مَن ينظر إلى مواقف وتحركات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يرى وكأنه يسير على نظرية والده الشهيد كمال جنبلاط حين قال ذات يوم: “علّمتني الحقيقة أن أرى جمال التسوية”، خصوصًا في ظل الوضع المتأزم على كل الجهات الذي يمر به الوطن والمواطن.
فعلى المستوى الوطني كثيرًا ما دعا جنبلاط مؤخرًا إلى إنجاز التسوية وكان قد زار القصر الجمهوري لهذا الغرض بينما نجده من جهة أخرى يبتعد عن السجالات مع أي طرف سياسي و”يقف على الحياد” وهذا ما ظهر مؤخرًا بعد السجال الذي حصل بين “التيار الوطني الحر ” و”حركة أمل” حيث وقف جنبلاط جانبًا وكأنه “ما بدو يزعل حدا”.
أما على صعيد البيت الدرزي الواحد ، فقد لوحظ ترحيب جنبلاط بزيارة رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان إلى كليمونصو تبعتها زيارة لرئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب نتج عنها اتفاق إلى عقد اجتماع ثلاثي في دارة خلدة تتجه الأنظار إليها اليوم.
أرسلان رحب قبل أيام بهذه الزيارة، لافتًا الانتباه في الوقت نفسه إلى وجوب احترام الأسس التي سبق أن تم التوصّل إليها خلال لقاء عين التينة قبل نحو عام مع جنبلاط برعاية بري، إذ صدر حينها بيان تضمن مقاربة لمعالجة الخلافات الدرزية.
واضحة هي أسباب لقاء خلدة لجهة طي ملف الخلافات الدرزية خصوصًا بعد الانتخابات النيابية الأخيرة حيث وقعت حادثتان مؤلمتان كان أولها في الشويفات وذهب ضحيتها علاء أبي فرج من الحزب التقدمي الاشتراكي وثانيها في قبرشمون ذهب ضحيتها الشابان سامر أبو فراج ورامي سلمان من الحزب الديمقراطي، في حين تذهب بعض المصادر إلى القول أن جنبلاط يهدف من خلال عودة الحوارات مع أرسلان إلى التأسيس لمرحلة عودته إلى سوريا.
عضو اللقاء الديمقراطي النائب فيصل الصايغ استبعد هذا الأمر، مؤكداً أن “جنبلاط لديه علاقة وطيدة مع روسيا وأي موضوع إقليمي يكون بضمانات روسية ولكنه ليس بهذا الوارد أبدًا”.
ولفت الصايغ، في حديث لـ”لبنان 24″ إلى أن المطلوب من لقاء الثلاثي الدرزي “إنهاء ذيول كل الأحداث المؤلمة التي حصلت خلال السنوات الثلاثة الماضية، بدءًا من حادثة الشويفات التي راح ضحيتها شهيد من الحزب التقدمي الاشتراكي وصولاً إلى حادثة قبرشمون التي راح ضحيتها شهيدان من الحزب الديمقراطي”، قائلًا: “صحيح أنه منذ ذلك الوقت حصلت مصالحات بالأخص عندما أقنع جنبلاط أهل شهيد الشويفات بإسقاط حقهم وتم سحب الدعاوى لكن بالمقابل، المطلوب لجهة حادثة قبرشمون أن يتم أيضًا سحب الدعاوى حيث لا يزال هناك أشخاص في السجون فلا بد من إنهاء هذا الملف لكي نؤمن على الاستقرار”.
وشدد الصايغ على أن هذه الزيارة تأتي ضمن قرار جنبلاط اعتماد التسوية، مشيرًا إلى أن “من يعتمد التسوية على مستوى الوطن بالتأكيد سوف يحرص على التسوية في البيت الداخلي”.
هل من تحالفات جديدة؟
وبسؤاله عما يبدو عليه جنبلاط من الوقوف على الحياد في مواقفه، أجاب الصايغ: “نحن أخذنا قرارًا بعدم الدخول بأي سجال مع أحد”، مشيرًا إلى أن”لأولوية اليوم لجنبلاط هي للوضع الاقتصادي والصحي وليس المحاصصة وما يدل على ذلك المبادرة برفع عدد الوزراء في ملف تشكيل الحكومة إلى 24 وزيرًا من دون المطالبة بوزيرٍ درزي ثان بل على العكس فقد تنازل جنبلاط من أجل الحل”، مؤكدًّا في الوقت نفسه على أن “هذا لا يعني تحالفات جديدة ولا يعني اتفاقات انتخابية فنحن لا نزال بعيدين عن تغيير تحالفاتنا ولا نزال في موقعنا نفسه”.
وختم الصايغ مشددًا على أن “فكرة الانعزال غير موجودة عند جنبلاط وليس له لزوم اليوم أن نضع حواجز بين بعضنا بعضًا في الوقت الذي ينتظر المواطنون الوصول إلى الحلول المعيشية”.