ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس يوم السلام للشرق وتكريس الشرق للعائلة المقدسة في كنيسة الصرح البطريركي الصيفي في الديمان.
ألقى الراعي عظة قال فيها: “نلبي في الأول تموز، كما تعلمون، مع إخواننا البطاركة ورؤساء الكنائس في لبنان، دعوة قداسة البابا فرنسيس إلى “لقاء تفكير وصلاة من أجل لبنان”. سيكون هذا اليوم محطة هامة في مسار جهود قداسته لمساعدة لبنان على بقائه وطن الشراكة المسيحية/الإسلامية، ودولة الممارسة الديمقراطية، ومجتمع السلام والرقي والحضارة. لا نذهب إلى الفاتيكان حاملين هم المسيحيين وحدهم، بل هم جميع اللبنانيين، “فكلنا في الـهم لبنان”.نحمل قضية لبنان بما هي قضية الحرية والحوار والعيش المشترك المسيحي-الإسلامي بالمساواة والتضامن والتعاون في هذا الشرق. إن صحة الشرق من صحة لبنان.
وأضاف: “نذهب لنؤكد لقداسته حرص اللبنانيين على الحياة معا رغم جميع الخيبات والحروب التي مروا فيها بسبب تعدد الولاءات، أو بسبب أخطائهم أو خصوصا بسبب التدخل الخارجي المقيت في شؤونهم. فنؤكد أن إنقاذ الحياة المشتركة بين اللبنانيين واستقراره السياسي وازدهاره الإقتصادي تحتم اعتماد حياده مع التنفيذ الدقيق لدستوره وللقرارات الدولية، ولو تطلب الأمر انعقاد مؤتمر دولي خاص بلبنان، طالما أن الحوار السياسي والتسوية الداخلية متعثران”.وتابع: “أثبتت الأحداث والوقائع أن إضعاف الدور المسيحي في لبنان يؤدي دائما إلى: ترنح وحدة لبنان ونظامه الديمقراطي ونمط حياته الحضاري؛ اهتزاز الشراكة المسيحية/الإسلامية؛ قلق مسيحيي العالم العربي؛ اختلال علاقات لبنان العربية والدولية؛ إلصاق هويات مختلفة ومتناقضة بالهوية اللبنانية الوطنية؛ فشل التجربة اللبنانية التي تعطى على العموم كنموذج حسي ليس فقط للحوار بين الأديان، بل أيضا وبخاصة لعيشها المشترك في دولة واحدة، المنظم في الدستور والميثاق الوطني. إذا كان لقاء التفكير والصلاة محصورا بالرؤساء الروحيين المسيحيين، فهذا لا يقصي أحدا، بل ينسجم مع قلق المسيحيين على مصير لبنان، لا على مصيرهم وحدهم. وهذا ما فعلوه في كل منعطف تاريخي لبناني أو مشرقي بغض النظر عن موازين القوى. لم يختر المسيحيون يوما مشروعا لهم بل لخدمة الكيان اللبناني وكل اللبنانيين.
ولفت الراعي الى أننا “نحمل معنا حقيقة الوضع اللبناني من النواحي الكنسية والوطنية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، خصوصا في ظل جماعة سياسية تتعمد عزل لبنان عن أصدقائه، وإفقار شعبه، وضرب نظامه، وتشويه ميثاقه، وتزوير هويته، وهدر كرامة أبنائه، وهي أغلى ما لديهم. وها هي الجماعة السياسية إياها تمد يدها اليوم لتسرق أموال المودعين من خلال السحب من الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان، وكأنها تريد تمويل حملاتها الانتخابية من أموال المودعين. وهذه جريمة موصوفة. فأي قرار حكومي أو تشريع نيابي يقر هذا السحب، إنما يستوجب الطعن فيه لدى المرجع القضائي المختص”.وختم قائلاً: “غريب أمر هذه الجماعة السياسية التي تحلل لنفسها مد اليد إلى أموال الشعب، وتحرم على نفسها تأليف حكومة للشعب. هل صار كل شيء ممكنا ما عدا تأليف حكومة؟ إن جميع التدابير البديلة التي تلجأ إليها السلطة هي نتيجة الامتناع عن تشكيل حكومة إنقاذ تقوم بالإصلاحات الضرورية فتأتيها المساعدات من الدول الشقيقة والصديقة ومن المؤسسات الدولية. ألفوا، أيها المسؤولون، حكومة ودعوا أموال الناس للناس. وفيما نكرس الشرق الأوسط للعائلة المقدسة، ونصلي من أجل السلام على أرض أوطاننا، نكرس على الأخص وطننا لبنان، ونصلي من أجل إحلال السلام فيه، سلاما آتيا من الله، لمجد وتسبيح الثالوث القدوس، الآب والإبن والروح القدس، إلى الأبد آمين”.