آخر “بِدَع” التأليف.. 4 “ستّات” بدل 3 “ثمانيات” فهل تتحقّق “المعجزة”؟

28 يونيو 2021
آخر “بِدَع” التأليف.. 4 “ستّات” بدل 3 “ثمانيات” فهل تتحقّق “المعجزة”؟

لم “يستسلِم” العابِرون بين “ألغام” تأليف الحكومة في ابتكار “البِدَع”، في محاولةٍ ظاهرها حلّ “العُقَد” التي تحول دون إنجاز مهمّة الرئيس المكلَّف سعد الحريري، والتي يدرك الجميع أنّ معظمها “مفتعَلة”، لكنّ باطنها يبدو “غامضًا” لكثيرين، في ظلّ “شكوك” حقيقيّة وواسعة النطاق بوجود “نيّة” لدى المعنيّين أساسًا بالذهاب إلى حكومة “إنقاذ”.
 
في الكواليس السياسيّة، عاد الحديث في الساعات الأخيرة عن “حراك جدّي” على خطّ الحكومة، تُرجِم بـ”الهدنة” المتجدّدة بين “التيار الوطني الحر” و”حركة أمل” بعد “اشتباك” السبت الناريّ، كما تمّ التداول بمعلوماتٍ عن “أفكار جديدة” مطروحة على الطاولة، وإن كانت تندرج بمجملها تحت سقف “مبادرة” رئيس مجلس النواب نبيه برّي، التي لا يزال الكثيرون يتعاملون معها باعتبارها “الفرصة الأخيرة”، التي لن يكون ما بعدها كما قبلها.
 
وتعزّز الحديث عن “الحراك الجدّي” على الخطّ الحكوميّ، مع “تسريبات” عن عودةٍ مرتقبة للرئيس المكلّف إلى بيروت في الساعات المقبلة، حيث يُتوقّع أن يفتتح “جدول أعماله” بلقاءٍ مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، لتأكيد “التنسيق الكامل” بين الجانبين، مع احتمال عقد اجتماع مع رئيس الجمهورية ميشال عون خلال الأسبوع، وربما الأربعاء، يرجّح البعض أن يحمل معه تشكيلة حكومية، قد تكون الأخيرة، “ما قبل الاعتذار”.
 
ما الذي تغيّر؟
 
يتحدّث بعض العارفين عن معطياتٍ عديدة تغيّرت في الأيام القليلة الماضية، ودفعت نحو إعادة “الحركة” على مستوى الملفّ الحكوميّ، بعد فترةٍ من الجمود الكامل، وإن كان “الرهان” عليها يبقى أقرب إلى “المقامرة”، استنادًا إلى التجارب السابقة، التي أثبتت بما لا يقبل الشكّ، أنّ معظم ما يُسجَّل من حركة يبقى “بلا بركة”، طالما أنّ “الجوهر” مفقود، وهو ما لم توحِ التصريحات والمواقف السياسيّة بأيّ تعديلٍ في سياقه.
 
لعلّ المؤتمر الصحافي المشترك لوزيري الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والفرنسي جان إيف لودريان يشكّل أحد أهمّ هذه العوامل، خصوصًا أنّه انطوى على ما يشبه الإعلان عن عودة الدبلوماسية الفرنسيّة إلى قلب الملفّ اللبنانيّ، وبقوّة دفعٍ أميركيّة قد لا تكون مسبوقة، ولو أنّ البعض لا يزال مقتنِعًا بأنّ فرنسا “جرّبت حظّها”، وما لم تنجح في تحقيقه خلال أشهر بكلّ وسائل “الترغيب والترهيب”، لن تنجح في الوصول إليه خلال أيام.
 
أما العامل الثاني، الداخليّ الطابِع، والذي قد لا يكون “تفصيلاً” في الملفّ الحكوميّ، وفق ما يرى البعض، فيتمثّل ببدء موسم “رفع الدعم” عمليًا، أو بالحدّ الأدنى “ترشيده”، مع خفض الدعم على المحروقات، وترقّب إقرار البطاقة التمويلية في مجلس النواب الخميس المقبل، وهو ما يزيل برأي كثيرين عبئًا ثقيلًا عن كاهل المعنيّين بالتأليف، خصوصًا أنّ “رفع الدعم” لطالما شكّل “عقدة غير مُعلَنة” واجهت مهمّة تشكيل الحكومة.
 
ضحك على الذقون!
 
لكنّ كلّ ما سبق لا يعني شيئًا في “بازار” التأليف الحكوميّ الذي اختبره اللبنانيّون على مدى أشهر طويلة، فإذا كانت معطيات الأيام القليلة الماضية تدفع نحو “تحريك” الملفّ، فإنّ معطيات الأسابيع التي سبقتها كان ينبغي أن تدفع لما هو أكثر من ذلك، بل كان يمكن أن يجنّب البلاد بعضًا من المصير “الأسود” المحتّم الذي يبدو أنّها ستتّجه نحوه هذا الأسبوع.
 
ولعلّ ما أثير عن فكرة جديدة قابلة للتطبيق تقوم على فكرة “4 ستّات” بدل “3 ثمانيات” يخدم هذا التفسير، لأنّها بدت لكثيرين مجرّد “مزحة”، لا أكثر، بل محاولة “ضحك على الذقون”، ولو أنّها في الظاهر تأتي بمثابة “ردّ ضمنيّ” على حديث رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل المتكرّر عن “مثالثة مقنّعة” في تأليف الحكومة، في تفسيرٍ “ملغَّم” رفضه بالمُطلَق حليف باسيل الأقرب، أي “حزب الله”، قبل خصومه.
 
وتعليقًا على هذه “الفكرة”، ثمّة علامات استفهام بالجملة تُطرَح، فكيف يمكن أن يقبل بها فريق “العهد”، وهو المُصِرّ على “الثلث المعطّل” في الحكومة، ولو نفى ذلك؟ وهل بهذه الطريقة تُحَلّ “عقدة الوزيرين” التي قيل إنّها سبب الخلافات الأخيرة؟ ومن يضمن ألا تؤدي إلى “عقدة جديدة” حول من سيسمّي الوزراء المحسوبين على “المجتمع المدني”، والذي يجزم بأنّه لن يقبل أيّ “تطبيع” مع السلطة السياسية عبر المشاركة في حكومة “محاصصة” كالتي تُشكَّل؟!
 
قد يكون صحيحًا أنّ هناك “حراكًا” مستجدًّا على خطّ الحكومة، لكنّ الصحيح أيضًا أنّ هذا “الحراك” ليس بجديد، بل فصلاً جديدًا من فصول “مسرحية” التأليف المستمرّة منذ شهر آب الماضي، مع اختلافاتٍ “شكليّة” لا تقدم ولا تؤخّر شيئًا في المعادلة. المطلوب “ترجمة” هذا الحراك سريعًا، بدل ابتكار “البِدَع” الجديدة لإلهاء الرأي العام، وبما قد لا يمهّد سوى لـ”معركة دونكيشوتية” جديدة على طريقة “حرب البيانات” التي باتت أكثر من مُستهلَكة!