أزمة البنزين: عودة النموذج الميليشيوي

29 يونيو 2021
أزمة البنزين: عودة النموذج الميليشيوي

كتبت هيام قصيفي في “الاخبار”: ما يجري في قطاع المحروقات عمل ميليشيوي بامتياز، ليس بمعنى المسؤولية المباشرة لأصحاب شركات الاستيراد والتوزيع والمحطات عن أزمة البنزين، إنما إدارة الملف من ساعة فتح الاعتماد إلى وقوف السيارات أرتالاً على المحطات.
 
منذ اللحظة الأولى لبدء الأزمة، بدأت المحسوبيات السياسية في اختيار الشركات النفطية التي تتسلّم البضائع وتفتح لها اعتمادات. لم تعد القضية تحتمل التباسات، هناك محطات تابعة لشركات معروفة محميّة، تشتري محطات أخرى في ظل هذه الأزمة المالية الحادة، فتتجاور محطات من الشركة نفسها تفصل بينها أمتار قليلة، في مقابل محطات تقفل أبوابها ويقبع أصحابها في منازلهم.
 
بالأمس افتُتحت بورصة بيع صفيحة البنزين خارج المحطة بثمانين ألف ليرة وانتهت ظهراً بمئة ألف ليرة. في المقابل رفع أصحاب دراجات نارية أسعارهم في بيع المحروقات في سعر موازٍ لسوق الدولار السوداء مع خدمة منزلية. يذهب هؤلاء إلى محطات معروفة، يتعاقدون معها إما عبر مؤسساتهم التجارية ويعملون معها «ديليفيري»، أو تحت ستار العمل مع أجهزة أمنية وحزبية، لتعبئة البنزين ومن ثم بيعه. كل ذلك بعلم بعض أصحاب المحطات وحمايتهم.
 
لا تتوقف المظاهر الميليشيوية على حلقة المصرف المركزي والشركات والمحطات والقوى الساسية. فبعض اللبنانيين يساهمون في بعض هذه الأوجه. حين يدفع لبناني لسائق بالأجرة مبلغاً مالياً مقابل وقوفه على المحطات ليملأ له سيارته ليس لأسباب العمل بل للخروج في الويك اند والسهر ليلاً ، وحين يبادر إلى الاتصال بحزبه ومعارفه لتأمين «تنكة» بنزين، وحين يتباهى لبنانيون بأنهم لم ينقطعوا يوماً من البنزين، كما أنهم لم يقبلوا بلقاح استرازينيكا ليس لأسباب طبية، بل بوصفه أقل شأناً، فهذا يعني أن هؤلاء أيضاً متواطئون. والأسوأ أنهم جميعاً ضد الفساد والفاسدين.

المصدر:
الأخبار