“أحد المهندسين”… أول مسمار في نعش أحزاب السلطة

29 يونيو 2021
“أحد المهندسين”… أول مسمار في نعش أحزاب السلطة

ما حصل أمس الأول في إنتخابات نقابة المهندسين لم يكن حدثًا عابرًا، بل هو نتيجة طبيعية لتطور الأحداث منذ 17 تشرين الأول من العام 2019 حتى اليوم، وهو نتيجة  حتمية كان من المنتظر أن تطفو على السطح بعد سلسلة من الخيبات التي أصيب بها الشعب الصابر على بلواه، وبعدما أثبتت أحزاب السلطة، وعلى مدى سنوات، فشلها في تحقيق الحدّ الأدنى من الأمن الإجتماعي.
 
فقد حقّقت “النقابة تنتفض” فوزاً كاسحاً في انتخابات نقابة المهندسين ولم يفلح تكتّل الأحزاب إلّا في تحقيق خرق يتيم .
 
هذه النتيجة وهي سابقة في تاريخ نقابة المهندسين، تؤشرّ بما لا يقبل الشك أن كيل الشعب اللبناني قد  طفح، وأن أغلبية الناس، في كل المناطق، قد كفرت بأحزابها، وهي تحمّلها مسؤولية تدهور الأوضاع الإقتصادية والمعيشية ووصولها إلى الحضيض.
 
فما بعد 27 حزيران ليس ما قبله. الأحزاب التي جمعتها “المصيبة”، على رغم تناقضاتها السياسية وخياراتها الإستراتيجية، بدأت تقلق من تغيّر المزاج الشعبي، وهي في صدد إعادة حساباتها على مختلف الأصعدة، لأن ما حصل في “أحد السقوط الكبير” ليس بالأمر العابر، ولا يمكن بالتالي الإستخفاف بنتائجه ومعانيه ورمزيته. فهذا الفوز الساحق الذي حققته قوى التغيير الشبابية يشي بأن الأيام المقبلة ستكون قاسية على أحزاب السلطة في كل الميادين وعلى مختلف المستويات والجبهات. فإنتخابات نقابة المهندسين كانت “بروفة” للآتي من الأيام، وما يمكن أن تحمله معها من نتائج من شأنها قلب المعادلات وإدخال دم جديد إلى الحياة السياسية عبر الإنتخابات النيابية في ربيع السنة المقبلة، في حال حصولها.
 
بعد نتيجة “المهندسين” أصبح الحديث عن إمكانية تعطيل الإنتخابات النيابية بحجة أو بأخرى أمرًا واردًا، وذلك من أجل أن تحافظ أحزاب السلطة على “مكتسباتها” الحالية حتى ولو كانت على حساب مكتسبات الوطن، لأن ما يهمّ هذه السلطة وأحزابها، كما هو ظاهر، هو مصلحتها الخاصة وليس المصلحة العامة. فلو كانت تريد تحقيق مصالح الناس لكانت هذه الأحزاب قد أتاحت الفرصة أمام القوى التغييرية الحقيقية، ولكانت سلّمت بالأمر الواقع وإعترفت بفشلها في إدارة شؤون البلاد والعباد وتركت الساحة لغيرها.
 
لم يعد أحد يصدّق، سواء في الداخل أو الخارج، أن هذه السلطة غير فاسدة. إنها الحقيقة بحدّ ذاتها، على رغم قساوتها وعلى رغم واقعيتها. ولذلك فإن الحساب سيكون عسيرًا، وأن صناديق الإقتراع ستكون الحكم، كما كانت في إنتخابات نقابة المهندسين، وسيقول الشعب كلمته، شرط توحيد رؤيته وقواه وعدم السماح لهذه الأحزاب، التي لا يزال لديها السطوة والقوة في مكان ما، بأن تدخل على الخط وتعمل على شرذمة قوى التغيير الشعبية. 
 
لا يكفي نصرًا واحدًا لإحداث التغيير المطلوب. بل على هؤلاء الذين خطوا الخطوة الأولى أن يستتبعوها بخطوات متلاحقة، على أن تكون مدروسة في شكل جماعي بعيدًا عن الفردية والتفرد، خوفًا من الإستفراد، وأن تكون ممنهجة وفق أولويات باتت معروفة وواضحة في خلفية هذه القوى.
 
ما راهن عليه الفرنسيون يوم إكتفى وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان بالإجتماع مع ممثلي الحراك المدني في آخر زيارة له لبيروت بدأت معالمه تتظهر، وهم يعلّقون أهمية كبرى على نتائج إنتخابات ربيع العام 2022.