تجتاح مشاهد الذل الأراضي اللبنانية من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، فالمواطن اللبناني أصبح رهينة الرغيف والبنزين والدواء وتقلبات “الدولار” الذي يتراقص على أنغام موسيقى الموت التي تعزفها الطبقة السياسية اللبنانية.
فتظهر الضبابية كصفة أساسية لمختلف المواضيع والاشكاليات ،ويبدو الحاضر ،كما المستقبل صعبا لا بل يعصى عن التحمل والتكيّف حتى وان كان اللبناني قادرا على التأقلم.
في هذا المجال وعن ملفات الساعة من الحكومة الى الانتخابات النيابية وما بينهما يتحدث لـ “لبنان 24” الأمين العام لحزب “الطاشناق” النائب هاغوب بقرادونيان.
على القوى السياسية ان تقرّ بانها أخطأت وتعتذر
عن البيت الداخلي وبعد انتخابه للمرة الرابعة على التوالي أمينا عاما لحزب الطاشناق يقول بقرادونيان ” نحن من الاحزاب القليلة التي تعيش الديمقراطية عبر تداول السلطة مرة كل سنتين.والتركيز حاليا يتمحور حول احتياجات الناس الاقتصادية والتربوية، فلطالما كان حزبنا الى جانب ناسه مع التأكيد الدائم على ثوابتنا السياسية لاسيما السيادة والحرية والاستقلال والتعايش وعدم الانجرار الى الفتنة واعادة انعاش لغة الحوار.
وعند الحديث عن الفتنة لا اقصد الحرب الشاملة انما اقصد زرع منطق الفتنة في النفوس، فاليوم نحن بوضع اجتماعي لا نحسد عليه لذلك يبدو التصعيد بالخطاب السياسي ومحاولة العودة الى الماضي عبر نبش القبور دافعا اساسيا للتصرف العدائي الذي نشهده في صفوف المنتفضين.
وهنا لا بد من الاشارة الى ان كل القوى السياسية وعلى مدار السنوات الثلاثين الأخيرة أخطأت بوتيرة مختلفة، لذلك لا بد لها من ان تقبل فكرة الخطأ وتعتذر عنه، والخطأ لا يقع فقط على السلطة انما ايضا على الشعب الذي يعيد انتاج التركيبة السياسية نفسها”.
حكومة سياسية بين أيلول وتشرين
وفي الملف الحكومي يؤكد بقرادونيان ان ” الأخبار المتداولة عن ولادة حكومة خلال أيام قليلة هي من نسج الخيال، والأرجح اننا سنشهد (حكومة انتخابات) ما بين أيلول المقبل وتشرين الأول، تكون مؤلفة من شخصيات سياسية غير مرشحة للانتخابات النيابية وبالتالي لن تكون برئاسة الرئيس سعد الحريري.
وتعثر ولادة الحكومة لا يعود الى عدد الوزراء بل الى رغبة دولية في تركيع الشعب اللبناني وارغامه على القبول بشروط كثيرة في ملف توطين الفلسطينيين واللاجئين السوريين كما ترسيم الحدود البحرية.
وما نخشاه في هذه المرحلة هو ان يعطى لبنان جائزة ترضية لسوريا او فرنسا او تركيا او ايران بعد اتفاق دولي واقليمي بدأت ملامحه تلوح في الأفق، ما يعني اننا ،وان استمرت الأمور على ما هي عليه، سنكون حتما امام وجود اجنبي جديد على الأراضي اللبنانية”.الانتخابات النيابية لا تتأثر بنتائج نقابة المهندسينوعن نتائج الانتخابات في نقابة المهندسين وامكانية اعتبارها مؤشرا لما ستؤول اليه الانتخابات النيابية يقول بقرادونيان أن “النقيب السابق للمهندسين كان من صفوف الثوار، والتحالفات بين احزاب السلطة ادت الى عملية تشطيب متبادلة فيما أقدمت “القوات اللبنانية” على تبادل الاصوات بينها وبين “النقابة تنتفض” ففازت الأخيرة.وبغض النظر عن النتائج يبقى المهم ان يكون العمل النقابي منفصلا عن العمل السياسي ويصب في خدمة احتياجات النقابة، وما اقوله ينطبق على مختلف النقابات لاسيما نقابة المحامين، وهنا اتساءل هل يقلّ أهمية كل من شكيب قرطباوي وانطوان اقليموس عن ملحم خلف؟”كما يؤكد بقرادونيان انه “لا يمكن البناء على نتائج النقابات كمؤشر وحيد للجو العام للانتخابات النيابية التي ستجري في موعدها أو قبل فترة وجيزة بسبب بلوغ الشهر الفضيل، مع العلم انه لا بد من وضع ضوابط على عنصر المال فيها الذي، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، سيؤثر على نتائجها، كما لا بد من اعادة النظر ببعض النقاط في القانون الحالي كالبطاقة الممغنطة واقتراع المغتربين كما الصوت التفضيلي اذ وبرأينا يجب العمل وفقا لقاعدة الصوتين التفضيليين لا الصوت الواحد”.نتحمل تبعات التحالف مع التيار الوطني الحرّوفي ما يخص العلاقة مع التيار الوطني الحرّ، يرى بقرادونيان ان “حزبه مستمر في انضمامه الى تكتل “لبنان القوي”، مع الحفاظ على التمايز والخصوصية، والاتصال قائم بشكل دائم مع الوزير جبران باسيل، فنحن الحزب المسيحي الوحيد الذي ما زال الى جانب التيار، غير ان ذلك لا ينفي اننا نتحمل تبعات هذا التحالف لاسيما في ظل النقمة الشعبية على التيار ورئيسه، فعلى سبيل المثال انتشرت مؤخرا صورة على وسائل التواصل الاجتماعي لأحد الاشخاص يسألني فيها متى سأترك هذا التحالف، وهنا أقول ان الناس لا تدرك كيفية تعاطينا في تفاصيل الملفات الداخلية”.ويؤكد ان “الطاشناق وعبر التاريخ يدخل التحالفات بكرامة وشفافية ويخرج منها باتفاق واحترام، وما حصل مؤخرا مع النائب ايلي الفرزلي الذي نكن له كل الاحترام لا يمكن ان يحصل معنا، اذ اننا، وان وصلنا الى حائط مسدود مع التكتل، سيكون خروجنا بطريقة مختلفة تماما.فنحن نكن احتراما كبيرا للرئيس ميشال عون الذي تحوّل تحالفنا معه من انتخابي الى سياسي، لكن ومع الأسف لم يكن عهده بقدر التطلعات والطموحات، وان استمرت الامور على هذا المنوال ستنتهي ولايته بخيبة أمل كبيرة”.الفساد يطال 95% من اللبنانيينوعن حراك الشارع يسأل بقرادونيان ” من هو المستفيد من هذه الفوضى الحاصلة، فاذا سلمنا جدلا ان الناس تقوم بحرق وتكسير المؤسسات العامة والخاصة كتعبير عن حرقة قلب، لا بد من السؤال عمن سيدفع الثمن في نهاية المطاف، لاسيما ان اعادة اعمار هذه المؤسسات سيكون حتما من أموال الشعب”.ويعتبر انه “لا يمكن لوم الناس، لكن على الشعب ان يدرك ان الفساد وللأسف متأصل في 95% من اللبنانيين الذين يعيشونه بطريقة او بأخرى.وهنا وأمام هذا الوضع الصعب، أعبر عن خوفي من احتدام التعصب الطائفي ، فعندما تغيب الدولة سيلجأ المواطن حتما الى حزبه وطائفته لـتأمين مختلف احتياجاته، وبالتالي قد تدفع الأزمة الاقتصادية الحالية الى اعادة تشكيل السلطة نفسها مع فروقات بسيطة”.