كتبت هيدل فرفور: “قبل أيام، باشرت مريم (لبنانية تبلغ 32 عاماً من العمر) العمل في الخدمة المنزلية، «سرّاً»، لدى إحدى العائلات الميسورة في منطقة بعلبك. الأم لثلاثة أطفال لا تريد أن يُقال في الحي إن زوجة العسكري (في الجيش اللبناني) تعمل «صانعة» في بيت يبعد عن بيتها عشرات الأمتار، رغم أنها مُضطرة إلى العمل لأن ثمن دواء والدة زوجها (700 ألف ليرة) يتجاوز نصف المدخول الشهري للعائلة، بعدما بات تأمينه متعذّراً عبر المُستشفى العسكري بسبب الأزمة. تقول إنّ صاحبة العمل «اصطادتني» بعدما شاهدت زوجها يسأل صاحب «إكسبرس» مجاور عن حاجته إلى موظفة بدوام جزئي، قبل أن تعرض عليها العمل لديها بدوام كامل مقابل 900 ألف ليرة شهرياً.
ووفق منظّمة العمل الدولية، فإنّ كثيرين من أصحاب العمل لم يعد بإمكانهم تحمّل أعباء توظيف عاملة منزل مهاجرة بدوام كامل، وأن كثيراً من العاملات المهاجرات لم يعد من مصلحتهن البقاء في لبنان لتعثر حصولهن على أجر بالدولار وبسبب غلاء المعيشة، «إلّا أنّ الحاجة إلى رعاية الأطفال والمسنّين والأشخاص المعوّقين لا تزال قائمة»، بحسب منسقة العمالة المهاجرة في المنظمة زينة مزهر، مشيرة الى أنه «في غياب سياسات عامة لمأسسة هذه الخدمات ضمن رؤية اقتصادية اجتماعية، يتعزز الخطر بأن تزيد الأزمة الاقتصادية من العمل الجبري ومن هشاشة وضع عاملات المنازل المهاجرات».
هل يمكن فعلاً أن تحلّ العمالة اللبنانية مكان الأجنبية في هذا القطاع؟ «العمل المنزلي عمل، وعمل لائق»، تجيب مزهر، مشددة على أن «الإيمان بهذا الشعار وترجمته قولاً وفعلاً عبر ضمّ العمل المنزلي إلى قانون العمل هو نقطة انطلاق لاستقطاب اللبنانيات لملء الشغور في هذا القطاع». وتضيف إن التحوّل «يحتاج أيضاً الى تغيير مجتمعي للنظرة السائدة حول أعمال المنزل، ليس فقط للعمل المدفوع الأجر، ولكن أيضاً للمهام التي غالباً ما تقوم بها النساء والفتيات في الأسرة، من دون أن تحظى بالتقدير المناسب».