خطفت طرابلس أمس الأنظار عن مجريات الأوضاع في ساحة النجمة، حيث شكل التدهور الأمني المفاجئ في المدينة، صدمة على الساحة الداخلية، حيث سجل اطلاق نار في المدينة خلال التظاهرات الاحتجاجية على الوضع المعيشي وانقطاع الكهرباء، عمل الجيش على ضبطها. في وقت كانت ساحة النجمة تشهد على اقرار البطاقة التمويلية وسط أجواء نيابية مشحونة بدت كأنها عشية الانتخابات النيابية وزاد عصبيتها انقطاع التبريد في قاعة قصر الاونيسكو .
الاّ أن الانظار تشخص اليوم الى الفاتيكان، في يوم الصلاة من أجل لبنان الذي دعا اليه البابا فرنسيس في الفاتيكان، والذي بدأه من الامس، حين دعا المؤمنين المتجمعين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، إلى “أن يتحدوا روحياً مع قادة الكنائس في لبنان الذين سيجتمعون اليوم، وأن يصلوا من أجل لبنان كي ينهض من الأزمة الخطيرة التي يمر فيها ويظهر للعالم وجهه، وجه السلام والرجاء” .
أين الحكومة؟في هذا الوقت، لا يزال الصراع محتدماً على الحلبة الحكومية حيث استبعدت مصادر مطلعة عودة الرئيس المكلف إلى بيروت في الساعات المقبلة لا سيما وأنه وفق المعلومات يستعد للقيام بجولة عربية يستهلها من القاهرة، في حين استكمل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل هجمته المضادة على تكليف الحريري مطالباً إياه بحسم أمره بين “التأليف والاعتذار”، وإلا فإنّ باسيل رأى أنّ على المجلس النيابي “أن يحسم أمره، إمّا بتعديل دستوري لوضع المهل (للتأليف) أو إستعادة القرار (بالتكليف)، أو تقصير مدّة ولايته”.
وأشارت أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ”البناء” الى أن “حزب الله يعمل على تقريب وجهات النظر وتبريد الأجواء بين الوطني الحر والمستقبل والابتعاد عن استحقاقات الانتخابات النيابية والرئاسية”، مشيرة الى أنه “لا يمكن رمي المسؤولية على حزب الله الذي هو جزء من الفريق الفاعل في الدولة، لكنه ليس الوحيد، علماً انه لا يتهرب من المسؤولية، فيما المسؤولية الاساس تقع على اصحاب السياسات الاقتصادية والمالية النقدية والمصرفية طيلة ثلاثين سنة الماضية”. وأكدت بأن “ليس لدى حزب الله مبادرة جديدة غير مبادرة بري بل الحزب انطلق بجولة اتصالات مع التيار من النقطة التي انتهت اليها مشاورات رئيس المجلس وتحديداً عقدة الوزيرين المسيحيين وثقة التيار”.ورجحت الأوساط اعتذار الحريري عن التأليف خلال شهرين واستثمار هذه الخطوة برفع شعبيته في الساحتين السنية والوطنية قبيل الانتخابات النيابية لإعادة تعويم نفسه، وبالتالي فالمتوقع في هذه الحالة “لذهاب الى تأليف حكومة انتخابات برئاسة شخصية يوافق عليها الحريري، لكن الأمر يحتاج الى غطاء اقليمي دولي، أو استمرار حكومة حسان دياب بتصريف الأعمال مع توسيع هامش صلاحياتها”. الاجتماع الفرنسي- الاميركي – السعوديواستكمالاً للمعطيات التي توافرت مع بداية هذا التنسيق، أفادت “النهار” من باريس ان الاجتماع الثلاثي الاميركي الفرنسي السعودي بين وزراء خارجية الولايات المتحدة انطوني بلينكن والفرنسي جان ايف لو دريان والسعودي الأمير فيصل بن فرحان حول موضوع انهيار لبنان، شكل امتداداً لقرار التنسيق التام الفرنسي الاميركي حول لبنان الذي كان اتخُذ عندما اجتمع بلينكن بالرئيس ايمانويل ماكرون في الاليزيه ومع نظيره جان ايف لودريان في الكي دورسيه. فكان الاتفاق بين الجانبين الفرنسي والاميركي على الدفع لتشكيل حكومة في لبنان والمزيد من الضغط على السياسيين اللبنانيين لهذا الهدف الملح، وأيضا محاولة اقناع السعودية بالعودة الى الاهتمام بلبنان ومساعدته ودفع اصدقائها الى تشكيل حكومة.واعتبرت الولايات المتحدة وفرنسا انه ربما اذا تحدثتا معا قد تقنعان السعودية بضرورة العودة الى الاهتمام بالموضوع اللبناني. اذ عندما كانت الادارتان تتحدثان كل على حدة مع كبار المسؤولين في السعودية حول الموضوع اللبناني كان الرد دائما ان لبنان تحت سيطرة “حزب الله” وايران، وان الرئاسة اللبنانية متحالفة مع “حزب الله”، وسبق للسعودية ان دفعت أموالا باهظة في لبنان ذهبت بجريرة الفساد. ولكن الرأي الاميركي الفرنسي المشترك هو ان الوقت الان لإنقاذ لبنان وعدم تركه يتفكك ويزول مع مؤسساته وترك شعبه يتمزق، لذا وجبت مساعدته ودفع السياسيين فيه الى تشكيل حكومة تجري على الأقل بعض الإصلاحات لتأتي المساعدات وكي تجري انتخابات بموعدها. الى ذلك فان باريس وواشنطن ما زالتا تؤيدان تشكيل حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري وتدعمانه ولكنهما لا تمانعان في حال اعتذر الحريري لصالح احد آخر يؤيده. وقال مصدر ديبلوماسي غربي رفيع ان بلينكن ولودريان حاولا اقناع وزير الخارجية السعودي بعودة اهتمام السعودية بالقيام بدور لدفع اصدقائها في لبنان الى تشكيل حكومة وانقاذ لبنان من الانهيار. وقال المصدر “سننتظر لنرى اذا كانت السعودية ستوافق على مبدأ العمل مع الادارتين الاميركية والفرنسية للمساعدة في الضغط باتجاه تشيل حكومة في لبنان لانقاذ هذا البلد “.