على رغم أنف من لا يريد لها الحياة، ويسعى إلى زجّها في ما لا تريده، لا لنفسها وللآخرين أيضًا “كانت طرابلس وستبقى مدينة لبنانية، عربية، مؤمنة، منفتحة ومتنوّرة، تتمسك بالعيش الإسلامي – المسيحي، وبالوحدة الوطنية والسلم الأهلي وحسن الجوار، وستبقى عصية على كل من يسعى الى إستهدافها أو الاساءة إليها”.
هذا الكلام قاله الرئيس نجيب ميقاتي، وهو يردّده كل يوم وفي كل مناسبة، ولا يترك فرصة إلا ويسعى اليها من أجل إعلاء شأن عاصمة الشمال، التي لم تنل، ولا أبناؤها، حقهم من دولتهم بالعيش بكرامة وعزّة نفس، وهي محرومة كعكار من أدنى مقومات الصمود، حياتيًا وإنمائيًا.
حاولوا كثيرًا بالأمس القريب أن يشوهّوا صورة طرابلس الأبية ولم ينجحوا، وهم لا يزالون يحاولون اليوم بكل ما أوتوا من إمكانات، ومرّة جديدة لجرّها إلى حيث لا شبه بينها وبين وجوههم المعفرة بتراب المؤامرات والمخططات الجهنمية التي لا صلة بين أهل المدينة الشامخة والمسالمة وبين الذين يحيكون المؤامرات في الغرف السوداء وتحت جنح الظلام.
وكما فشلوا بالأمس في تحويلها إلى مدينة يعشعش فيها الإرهاب سيفشلون اليوم حتمًا، وذلك بفضل وعي أبنائها الذين هم أبعد ما يكونون عن هذه السمة الغريبة عن اصالتهم وعن حضارتهم وتاريخهم وتمسّكهم بعيشهم المشترك، وكذلك بفضل إدراك فعالياتها السياسية لما يُحاك لمدينة السلام من إستهدافات لجرّها إلى الفتن الداخلية والعبث بأمنها وسلمها وإستقرارها.
وطالما أن عين الجيش ساهرة ويقظة، وطالما أن يده على الزناد، فإن طرابلس لن تخشى كيد الأعداء، الذين أصبحت هويتهم مكشوفة للقاصي والداني. فالجيش هو سياج الفيحاء وحاميها، وهو الذي يتربص بكل من تسوّل له نفسه العبث بأمنها، ومستعدّ لبذل أقصى التضحيات من أجل أن تبقى العاصمة الثانية عصّية على المؤامرات والفتن.
قائد الجيش العماد جوزاف عون، يرافقه رئيس الأركان اللواء الركن أمين العرم، المدينة الصامدة، حيث أكد أنّه “من غير المسموح لأي كان المسّ بأمن المدينة”، مشدّداً على أنّ “لا تساهل أو تهاون مع من يعبث بالاستقرار كائناً من كان”.
وقال: “لأهلنا في الفيحاء العريقة، “نحن جزء منكم. نشعر بمعاناتكم ووجعكم. نحن لسنا ضدكم. لكم الحق في التعبير السلمي عن رأيكم ونحن نحميكم، ولكن لا تدعوا العناصر المشاغبة وغير المنضبطة أن تسيء لكم أو تجرّكم الى مواجهة مع الجيش”.
ما حصل في الأيام الماضية في عدد من أحياء المدينة كُشفت خيوطه بعدما إندّست عناصر مخرّبة بين صفوف المواطنين الذين نزلوا إلى الشارع إحتجاجًا على غلاء الأسعار وفقدان الدواء من الصيدليات وإضطرارهم للوقوف لساعات طويلة أمام محطات الوقود للحصول على عشرين ليتر من البنزين.
ما حصل هو أن مستهدفي المدينة وأمنها حاولوا، وبشتى الطرق، تصوير الواقع على غير حقيقته، وذلك من خلال “شيطنة” الحراك المدني السلمي، ومحاولة تزوير الحقائق من خلال إيهام الرأي العام بأن الطرابلسيين هم في مواجهة مع جيشهم، وهي محاولة لم تعد أهدافها خافية على أحد، بحيث أفشل وعي قيادة الجيش المخطط الذي كان يحاول إستدراج المدينة إلى فتنة وإلى إحباط أهلها.
طرابلس كانت قلعة الوطنية وستبقى كذلك، وستقف في وجه الريح، وستثبت للجميع، للقريب وللبعيد، أنها منارة ثقافية وعلمية، وهي ترفض أن تكون لقمة سائغة في فم التنين.
هكذا كانت الفيحاء، وهكذا هي، وهكذا ستبقى.