بات من المحتوم انعدام الضمير لدى المسؤولين اللبنانيين حين يشاهدون انهيار بلدهم دون التخلي عن مكتسبات السلطة، اما الافظع فيكمن باحالة حل الازمات إلى الخارج ما يكشف حقيقة الانفصام الكامل عن الواقع.
الملاحظ حالة الارباك المستشرية أمام مواجهة أزمة غير مسبوقة، ولا تجد السلطة نفسها معنية سوى بالتلهي بالمواقع والصلاحيات، ويحدث ذلك في ظل تفكك مفاصل الدولة وسريان الفوضى والفلتان مع الدفعة الأولى من رفع الدعم عبر ارتفاع أسعار المحروقات ولو بشكل جزئي.في تقاطع ليس مصادفة بالمطلق، اقدم القاضي طارق بيطار على قرارت جرئية باستدعاءات سياسية وأمنية رفيعة في ملف تفجير المرفأ قد تشكل بارقة امل ولو بسيطة في ليل لبنان الحالك، على الرغم من محاولات حتمية للتملص تحت عناوين مختلفة.
لا يمكن النظر الى مفاعيل الازمة السياسية دون التوقف عند موقف حزب الله بصفته العمود الفقري للحكم القائم وعماد الأكثرية الحاكمة نيابيا وحكوميا ولو بشكل موارب ، ومن الواضح بأن التحرك الأميركي بذراعيه الخليجي والاوروبي يقارب الازمة اللبنانية من زاوية فرط الأكثرية الحالية رغم بعض التفاوت في المواقف تحديدا عند الجانب الفرنسي.في هذا الإطار، يعمد حزب الله إلى التعامل مع الداخل اللبناني باسلوب براغماتي، و هذا ما يثير قلق الحلفاء قبل الخصوم في ظل انعدام الهوامش التي تسمح بعقد تسويات كما حدث عند انتخاب عون رئيسا و افضت إلى ما افضت اليه.ما يسترعي اهتمام المراقبين هو عزلة رئيس الجمهورية وفقدانه عامل المبادرة، وثمة من يؤكد بأن الثقل السياسي والنيابي والذي طالما تغنى فيه التيار الوطني الحر لم يشكل عناصر قوة تدعم عهد عون، و هذا ليس بالأمر اليسير طالما يتصل بمستقبل جبران باسيل على كافة الاصعدة.فمن حاضرة الفاتيكان، سدد البطريرك الماروني ضربة مباشرة إلى رئيس الجمهورية عبر تحميله الجميع مسؤولية خرق الدستور لاغراض ذاتية في حين يرتكز خطاب فريق عون على الدفاع عن صلاحيات رئاسة الجمهورية لا بل المطالبة بتعديلات دستورية في خصم الصراع مع الرئيس المكلف على سبل تشكيل الحكومة.في الإطار ذاته ، يزداد الاحتضان الشعبي كما الاهتمام الخارجي بالجيش بصفته مؤسسة ضامنة امنيا للحد الأدنى من الاستقرار في لبنان ما يعني الرهان عليه في المرحلة المقبلة وما سيتخللها من توترات على الأرض بفعل الازمات المتراكمة. والملفت إقبال عدد من الدول على دعم الجيش وتأمين متطلبات عمله بشكل مباشر دون المرور بالقنوات الرسمية المعهودة.دعم الجيش وتوسيع مهامه يخلق معضلة جديدة من الصعب على فريق عون وجبران باسيل التعامل معها بسلاسة، فالصمت المطبق يخفى امتعاضا مكبوتا قابلا للانفجار عند أول منعطف خصوصا في ظل انعدام بصيص نور حيال تشكيل الحكومة واكتفاء عون بحكم لبنان في عامه الاخير عبر قرارت المجلس الأعلى للدفاع.