روسيا وأميركا تتقاسمان لبنان.. ملفٌ واحد قد “يغيّر النظام” ويحسم الحل

4 يوليو 2021
روسيا وأميركا تتقاسمان لبنان.. ملفٌ واحد قد “يغيّر النظام” ويحسم الحل

ساهمت الأيام الـ10 الأخيرة في بدء تبلور الموقف الدولي إزاء الأزمة اللبنانية، وثمة إشارات واضحة إلى أن هناك حراكاً جدّياً يهدف إلى رسم معادلات جديدة في المنطقة.وحتى الآن، فإن مفتاح الحل ما زال ضائعاً بين أوراق التسويات الكُبرى، إلا أنّ ما يتبين من اللقاءات والاتصالات أنّ هناك اتفاقاً دولياً بات يلوح بالأفق لاعتماده أساساً لحل أزمة لبنان والتأسيس من خلاله لمرحلة جديدة قائمة على “إعادة تشكيل النظام اللبناني واستبعاد شخصيات بارزة منه عن المشهد السياسي”، وهذا الأمر الذي ألمح إليه سفير الاتحاد الأوروبي رالف طرّاف بالأمس بقوله أنّ “النظام السياسي في لبنان بحاجة ماسّة إلى شرعية جديدة”.

وبشكل أو بآخر، فإنّ الاجتماع الثلاثي الأميركي – الفرنسي – السعودي في مدينة ماتيرا الإيطاليّة قبل أيام والذي تناول الملف اللبناني، يعتبر نواة واضحة لتنسيق التسوية الجديدة، على أن يكون العرابون فيها 5 دول وهي: الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، السعودية وإيران.
وما يتأكد حالياً هو أنّ الاهتمام الأميركي بلبنان كبير جداً، وما تكشفه المواقف هو أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بدأت ترسم الخطوط الواضحة والعريضة لكيفية التعاطي مع الملف اللبناني، والانطلاق منه لرسم خارطة التحالفات الجديدة في المنطقة.

توافق روسي – أميركي؟ووسط كل ذلك، فإن الثقل الأميركي الموجود بشأن لبنان والذي تكشفه المواقف المعلنة، يتقاطع مع حراكٍ لروسيا يهدف إلى تبثيت موطئ قدم لها هنا، والتأسيس لبنى تحتية ومشاريع استثمارية تفتح الباب أمام موسكو لطرح نفسها شريكة في الحل أيضاً.
وعملياً، فإن الدخول الروسي إلى لبنان خصوصاً بعد وصول وفد من شركات استثمارية روسية في مجالات متعددة قبل أيام إلى بيروت، والحراك الذي تلعبه قيادة الكرملين في استقطاب القادة اللبنانيين، لا يمكن أن يكون بعيداً عن موافقة واشنطن التي باتت تُسلّم بأن الوجود الروسي في سوريا بات ثابتاً ولا يمكن إلغاؤه أبداً. وبشكل فعلي، فإن هذه النقطة محورية بكل المقاييس، ولهذا، فإنّ لبنان قد يشكل أرضية لتقارب روسي – أميركي وأساسه التمهيد لوضع اتفاق جديد بشأن النفط والغاز عند السواحل اللبنانية، وهنا يمكن مفتاح الحل الأساس.
وإزاء ذلك، فإنّ خطوط التسوية الأساسية ستكون على الصعيد الاستثماري بذلك القطاع، ويرتبط ذلك بالدرجة الأولى بإتمام ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا من جهة، ولبنان وإسرائيل من جهة أخرى. وفعلياً، فإنّ روسيا كانت طرحت نفسها كلاعب أساسي في تحريك ملف ترسيم الحدود البحرية مع سوريا، وهي تسعى إلى تكريس نفوذها شيئاً فشيئاً في ظلّ وجود أميركي ثابت في لبنان، سواء من خلال سفارة ضخمة أو التنسيق المباشر مع الجيش اللبناني والوجود على السواحل اللبنانية.أما في ما خصّ ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل، فإن النقاط العالقة على هذا الصعيد ما زالت تشكل ضغطاً على أي تسوية مرتقبة، ويجب أن يرتبط ذلك بمساعٍ تؤسس لحل تلك النقاط.
ماذا عن موقف “حزب الله”؟وفي الأساس، فإنّ الدخول الروسي إلى لبنان عبر بوابة سوريا وبالتنسيق مع النظام هناك، لن يكون مُزعجاً لـ”حزب الله” بالدرجة الأولى، وهو ما كان يُراهن عليه أيضاً مع إيران. ومنذ بدء الأزمة وحتى اليوم، كانت الدعوة واضحة من الحزب لتوجّه الدولة اللبنانية نحو الشرق فضلاً عن المطالبة الواضحة أيضاً من أفرقاء عدة بالتعاون مع روسيا. وما لا يمكن نفيه أيضاً هو أنّ الدول التي تدرس الحل في لبنان باتت لا ترى أمامها ملف “إنهاء وجود حزب الله” الذي لا يرفض وجود طرف أساسي في التسوية المنتظرة، والمتمثل بروسيا. ولهذا، فإن القبول بالدخول الروسي إلى لبنان يجب أن يقابله قبول بالدخول الأميركي، وما وجود موسكو، حليفة الحكومة السورية، سوى عنصر أساسي يمهد الطريق أمام “حزب الله” بالقبول بالتسوية الدولية، لأن مطالبته بالتوجه شرقاً، ولو بشكل مقنع، تكون قد تحققت. كذلك، فإن رفض الحزب لأي اتفاق دولي سيجعل جمهوره ينقلب عليه بالدرجة الأولى خصوصاً أن الضائقة الاقتصادية باتت تطال بيئته الحاضنة.
وفي المقلب الآخر، فإن الوجود الأميركي في لبنان يؤسس أيضاً لمنع تفرّد موسكو في اتخاذ قرارات في المنطقة لوحدها. أما الشريك الثالث والذي يعتبرُ بيضة القبان في التقارب الأميركي – الروسي في لبنان، فيتثمل بفرنسا التي سيكون لها أيضاً استثمارات مباشرة في قطاع النفط، ومن خلاله ستكون الانطلاقة لتغيير النظام السياسي في لبنان.