حزب الله يفصل بين الفاتيكان وبكركي.. لقاء روما لا يلاقي أفكار البطريرك

4 يوليو 2021

لا يمكن للقوى السياسية اللبنانية إلا أن ترى في لقاء الفاتيكان نافذة إيجابية سيبنى عليها اطمئنانا، مع تأكيد المشاركين في اللقاء أن الكرسي الرسولي سيستنفر مع عواصم القرار لإيجاد حل للأزمة اللبنانية، ومع ذلك هناك قراءة سياسية متباينة إلى حد ما، وتبدي إصرارا على أن الحل المرجو ينتظر تفاهم الدوائر الغربية والإقليمية وبالتالي هو خارج الفاتيكان.

إن لقاء روما على أهميته التي تمثلت بجمع القادة الروحيين المسيحييين فإنه لم يكن، وفق أوساط سياسية متابعة،على رأي واحد من أفكار الحياد والتدخل الدولي في لبنان، وهذا يشكل مصلحة للبلد، فالفاتيكان معنيّ بتوسيع دائرة الحوار والتواصل لأجل تحقيق السلام والاستقرار في لبنان، ولذلك استمع بدقة إلى طروحات بطاركة الروم الكاثوليك يوسف العبسي والروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي والأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان ودعواتهم والتي تصب في خانة التأكيد على ضرورة اجتراح الحلول الضرورية للبنان بعيدا عن الوصاية الدولية التي ينادي بها البطريرك الماروني بشارة الراعي وفق توصيف أصحاب الرأي المناهض لدعوات بكركي التي، بالنسبة الى المقربين من حزب الله، وضعت نفسها في موقع سياسي معين وباتت طرفاً في الانقسام الداخلي الحاصل، بدل أن تكون جامعة لكل المكونات اللبنانية المسيحية والإسلامية.

ثمة من يقول من المعنيين والمتابعين للحراك الخارجي، أن نتائج اللقاءات التي تحصل سواء على مستوى الفاتيكان أو على مستوى الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية لن تتبلور أو تتضح معالمها قبل نهاية آب المقبل، لأن التعويل يبقى على ما ستسفر عنه المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران التي يفترض أن تصل إلى اتفاق قبل تسلم الرئيس الايراني المنتخب ابراهيم رئيسي.
وإلى ذلك الحين، يعتبر المقربون من حارة حريك، أن العلاقة بين حزب الله وروما جيدة، ويرغب حزب الله دوما في توطيد العلاقة مع الفاتيكان، وهناك تواصل مستمر بين مسؤولي الحزب والسفير البابوي في لبنان، ولم ينقطع حتى في خضم الخلاف الحاد بين الحزب والبطريرك الراعي في الأشهر الماضية، حيث عقد لقاء بين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والسفير البابوي في بيروت جوزيف سبيتيري الذي أكد أن الفاتيكان يعمل على تعزيز والتعاون ويتمنى أن لا يكون لبنان طرفاً في صراعات المنطقة أو محاورها. من هنا فإن حزب الله ينظر الى أصل اللقاء في روما بايجابية، رغم أنه كأن يأمل أن يكون لقاءً مسيحيا اسلامياً، انطلاقا من كلمات البابا القديس يوحنا بولس الثاني خلال زيارته لبنان العام 1997 “لبنان أكثر من وطن إنه رسالة”، ومع ذلك يبدي حزب الله ارتياحا لما رشح عن اللقاء لجهة تشديد البابا فرنسيس على التضامن والوحدة اللبنانية وتحصيل حقوق اللبنانيين جميعاً وليس المسيحيين فقط، فضلا عن تركيزه على اقتراحات تنقذ البلد ولا تقسمه.
وأمام ذلك، يعي حزب الله، وفق مصادره أهمية الوجود المسيحي في لبنان لا سيما بعدما تعرض هذا الوجود في سوريا والعراق وفلسطين إلى نكبات كبيرة وتهجير وأعمال إجرامية ووحشية، ويشدد في هذا الاطار على أهمية التعايش المشترك وعلى تمسكه بالوجود المسيحي في الشرق عموما ولبنان خصوصاً، لكن في الوقت نفسه ينتاب مسؤوليه الغضب عندما توجه اليهم اصابع الاتهام بضرب الشراكة وبناء الدولة، على اعتبار أن الحزب قد دفع و الجيش والاجهزة الأمنية شهداء من أجل الحفاظ على هذه الدولة وهو متمسك بالشراكة أكثر من المسيحيين انفسهم.
وعليه ،فإن حزب الله، ووفق المقربين منه، يواصل مساعيه من أجل ايجاد الحلول للأزمة الراهنة ويدفع نحو الحوار وتعزيز الوحدة في لبنان، وهذا الامر ينسجم إلى أقصى حد مع دعوات البابا فرنسيس، فالكرسي الرسولي رفض وسيرفض كل الطروحات الآيلة إلى الفيدرالية والتقسيم. من هنا يرحب الحزب وفق المصادر نفسها بأية مبادرة او مساعي تصب في مصلحة البلد واستقراره وسيادته خاصة وأن روما دأبت دائما في طروحاتها على انتهاج العقلنة وركزت على اهمية اندماج المجتمعات.