منذ ما قبل التسوية الرئاسية ابتعدت السعودية عن الملف اللبناني، معتبرة ان الاستثمار السياسي فيه ليس مربحاً، ولاسباب كثيرة وجدت ان الانكفاء قد يكون استراتيجية صحيحة وصائبة وقد توصل الى نتائج جيدة.
لكن ما يحصل منذ اجتماع وزراء خارجية كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، يعكس التحول الثاني في السياسة السعودية تجاه لبنان، اي العودة الى الساحة اللبنانية ولو بحذر، ومن دون اعتماد الادوات التقليدية للتدخل.
وعلى النسق السعودي، كان موقف واشنطن، فبعد انتخاب الرئيس جو بايدن، باتت واشنطن غير مهتمة بالساحة اللبنانية، او اقله لم يعد الشأن اللبناني من ضمن اولوياتها، لكن شيئا ما تغير، وفجأة بدأت تعلو الاصوات داخل الكونغريس داعية الى الانتباه لما يحصل في لبنان، ومنع الانهيار فيه.
عاد الاهتمام الاميركي، وان من باب دعم الدور الفرنسي، فكان الاجتماع الثلاثي الذي هدف بشكل او بآخر الى الحصول على تفويض سعودي للفرنسيين من اجل تحسين شروط تحركهم وقدرتهم على فرض المعادلات الجديدة.
لم يصل الاجتماع الثلاثي الى نتيجة مباشرة، لكن السعودية طلبت وقتا من اجل اعطاء بعض الاجوبة حول موقفها من تشكيل الحكومة ومن رئاسة الحريري وغيرها من التفاصيل اللبنانية المحورية في الازمة الحالية.
بحسب مصادر مطلعة فإن الاهتمام الاقليمي الدولي بلبنان يتمحور حول قاعدة منع الانهيار النهائي الذي بات على الابواب، اذ ان باريس تتهيب الوصول الى لحظة اللاعودة بسبب مخاوفها من بعض الادوار الاقليمية وكذلك واشنطن ليست مستعدة لتسليم البلد لحزب الله.
وتقول المصادر ان السعودية قد تتجاوب نسبياً مع الرغبات الفرنسية الاميركية، ولهذا سيحصل اللقاء في الرياض بين مسؤولين سعوديين من جهة والسفيرتين الفرنسية والاميركية من جهة اخرى، لكن في الوقت نفسه فان قواعد الرياض لم تتغير وخطوطها العام في النظر للبنان ثابتة.
وتعبتر المصادر ان الاتفاق على المرحلة المقبلة، ولو شكّل نقطة انطلاق للعودة السعودية للبنان، غير انه لن يشهد تبدلات جذرية بالسياسة الدولية تجاه البلد، كل ما في الامر تحسين الوضع القائم والقيام بمعالجات موضعية في بعض القطاعات بإنتظار ما بعد الانتخابات النيابية.