كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: يبدو أن دول العالم بدأت تتعامل مع لبنان على أساس أنه دولة فاشلة، فالسفراء الأجانب والعرب تخلوا عن اللغة الدبلوماسية مع المسؤولين السياسيين، وإستبدلوها بلغة ″التأنيب″ التي إستخدمها بعض السفراء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بعدما ملوا اللغة الخشبية التقليدية التي يتحدث فيها.
بالتزامن حزمت السفيرتان الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو حقيبتيهما للسفر اليوم الى السعودية وذلك بطلب من دولتيهما وبرفقة سفير المملكة في لبنان وليد البخاري للبحث في آلية تأمين المساعدات للشعب اللبناني، على أن يكون اللقاء في وزارة الخارجية فقط، واللافت أن هذه الزيارة تحصل بمعزل عن السلطة السياسية المتروكة لخلافاتها وسعيها وراء تحقيق مصالحها.
في غضون ذلك، بدأ البعض البحث عن بديل للرئيس المكلف سعد الحريري الذي تشير كل المعلومات الى أنه إتخذ قراره بهذا الشأن وأبلغه الى الرئيس نبيه بري، وذلك في إنتهاك واضح للآليات الدستورية التي تقول بأن رئيس الجمهورية يدعو الى الاستشارات الملزمة ويتولى نواب الأمة تسمية الرئيس المكلف، فيما يبدو واضحا أن كل أمور السلطة تتجه نحو التعليب بعد فشل العهد في الحفاظ على صورة وهيبة وآليات عمل الدولة.
أمام هذا الواقع، هل ستكون، بعد إعتذار الحريري، حكومة برئاسة شخصية سنية أخرى يوافق عليها؟، أم أن الفراغ سيكون سيد الموقف؟، أم أن شيئا ما قد يطرأ فيعيد خلط الأوراق؟..
تشير المعطيات الى أن تشكيل الحكومة يحتاج الى تسوية تدفع الجميع الى التخلي عن الشروط والشروط المضادة، خصوصا أنه في حال إستمر الوضع على ما هو عليه من رفع السقوف، فإن ما لم يتنازل عنه الحريري لن يستطيع أي رئيس مكلف آخر التنازل عنه، وما كان يشترطه رئيس الجمهورية على الحريري لن يتراجع عنه أمام خلفه.
أما في حال حصول التسوية المفترضة وتراجع من يعنيهم الأمر خطوات الى الوراء، فهل سيصار الى تشكيل حكومة إنتخابات؟وهل هذه الحكومة ستكون قادرة على إدارة الأزمة ووقف الانهيار والتفاوض مع المؤسسات الدولية، أم أن إدارة البلد وإيقاف الانهيار ستديره بعض الدول بعدما أدى فشل العهد الذريع الى تدويل الأزمة اللبنانية من الفاتيكان الى أميركا الى فرنسا فقطر وغيرها من الذين يريدون تقديم المساعدات الى الشعب والجيش للتخفيف من وطأة الأزمات التي ترخي بثقلها على البلاد؟ وماذا سيكون موقف حزب الله تجاه تلك الوصاية المقنعة، خصوصا أن ما سيحصل من شأنه أن يحرجه ويسحب منه العديد من الأوراق الداخلية؟
تشير المعطيات الى أنه في حال تعاطت بعض الدول مع لبنان كدولة فاشلة، وتولت إدارة الأزمات ومساعدة الشعب والجيش، فإن حكومة الانتخابات تصبح لزوم ما لا يلزم، خصوصا أنها ما تزال في علم الغيب، وفي حال تم التوافق أو الضغط على إجرائها فإن حكومة تصريف الأعمال قادرة على إدارتها.
من هنا تأتي المعلومات التي تقول بأن الحريري سيعتذر لكن البديل ما يزال غير مؤمّن حتى الآن، لتؤكد أن التوجه العام لدى الحريري قد يكون عدم تسمية أحد ورمي كرة النار في وجه رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، مستفيدا من السقف السني المرسوم بتوافق سياسي ـ ديني والذي لن يستطيع أي رئيس مكلف الى أي جهة إنتمى تجاوزه، ما يعني أن البلاد مقبلة على “جهنم” متعددة الأوجه معطوفة على فشل المفاوضات الأميركية ـ الايرانية في فيينا والتي بدأت تترجم تصعيدا أمنيا في العراق يأمل كثيرون أن يبقى لبنان الغارق في أزماته المعيشية والاجتماعية بمنأى عنه.