هل هناك حرب في الأفق؟

9 يوليو 2021

كتب طوني عيسى في “الجمهورية”: إنّ «حزب الله» الذي يمسك اليوم بالقرار السياسي من خلال الغالبية في السلطتين التنفيذية والتشريعية، يُخبّئ ورقة لا يتحدث عنها إطلاقاً، ويتركها لحالات الطوارئ القصوى، وهي ورقة الأمن. فإذا ما تعرَّض للاستفزاز، لا يجد مفرّاً من استخدامها. ونموذج 7 أيار 2008 واضح.

 
لذلك، هناك توافق في الرؤية بين القوى الدولية، ولا سيما بين الولايات المتحدة وفرنسا وسائر الحلفاء الأوروبيين والخليجيين، على أنّ الانهيار الاجتماعي في لبنان، الذي يهدِّد جدياً بانهيار أمني لا أحد يستطيع التكهُّن بطبيعته، لا يستفيد منه إلا «حزب الله»، وأنّ أي فراغ أمني يقع في لبنان لن تكون لأحد جهوزية لِملئه إلّا «الحزب». ومن هنا ضرورة دعم الجيش والقوى الأمنية وتجنيبها الانهيار، بمعزل عن أي اعتبار آخر. ولكن، هل ما زال ممكناً فعلاً تجنُّب الوصول إلى التجربة الأمنية؟ وأخطر من هذا السؤال: هل ما زالت هناك فرصة لتجنّب الحرب كمخرجٍ من وضعية الاختناق والتعثّر الكامل؟

ليس سرّاً أنّ هناك كلاماً كثيراً يجري تداوله في الآونة الأخيرة في هذا الاتجاه. وكثيراً ما يفاجأ الصحافيون في لبنان، عند اتصالهم بجهات مؤثرة في الداخل والخارج، بالجواب الآتي: في النهاية، أظهرت التجارب أنّ الاحتقانات الكبرى لا تنتهي إلّا بانفجار على الأرض، وأنّ التغييرات المفصلية لا تحدث إلا بعد الحروب!
 
طبعاً، مُقلق هذا الكلام. وهذا تحديداً ما يدفع الثلاثي واشنطن- باريس- الرياض إلى العمل من أجل صيانة الجيش. ففي سنوات مَضت، وفيما كانت المؤسسات تتلاشى، كانت الحماية الدولية والعربية مُلقاة على قطاعين: الأمن ومصرف لبنان. لكنّ الرهان على القطاع المالي بمجمله قد تراجع، بعدما خَرقته قوى السلطة وحوَّلته أداة في ماكينة فسادها. ولكن، يبقى الجيش وحده في منأى عن هيمنة السياسيين.
 
المُثير هو أنّ «حزب الله» يضع الحراك الغربي والعربي الداعم للجيش في خانة الشبهات. فهو يؤكد الحرص على تزويد الجيش بمقومات صموده، ولكنه يطرح السؤال الآتي: «ضد مَن تقوم الولايات المتحدة بدعم الجيش؟»
 
ويستطرد القريبون من «الحزب» بالإجابة: «بالتأكيد، ليس ضد إسرائيل، بل ضد القوى التي تناهضها في الداخل. ولو كان يُراد الدعم ضد إسرائيل لما اقتصر على الأغذية والأدوية، ولكان قد شمل الأسلحة الدفاعية المناسبة». وهذا الكلام يستبطن اتهاماً للولايات المتحدة وحليفاتها بالسعي إلى شَرخ داخلي مع الجيش.
 
طبعاً، الجيش يتمتع بكامل الحكمة والنضوج ويمتلك التجارب التي تخوّله أن يدرك تماماً مقتضيات الواقع اللبناني. وكذلك، يعرف «الحزب» أن لا مصلحة له إطلاقاً في أي مواجهة داخلية. ولكن، مَن يضبط حدود الاهتراء لتتوقّف عند سقوفها الاجتماعية؟ وما الذي يمنع أن يقوم طرف من داخل اللعبة أو خارجها بالاصطياد في المياه الأمنية العَكرة اجتماعياً وطائفياً ومذهبياً؟