كتبت راجانا حمية في “الأخبار”: “أحد أعراض الأزمة الاقتصادية – المالية التي تضرب البلاد اليوم، هو زيادة حالات الإسهال لدى الأطفال وعودة بعض الأمراض والعوارض الصحية الحادة مجدداً بعد خفوتها سنواتٍ طويلة! الربط هنا ليس سوريالياً ولا تهكّماً، بقدر ما هو واقع يتجسد اليوم مع انفلاش أزمة فقدان معظم لقاحات الأطفال التي لم يبق منها على رفوف الصيدليات سوى نوعين أو ثلاثة توزّعها الشركات المستوردة بـ«الحبة».
وفي الآونة الأخيرة، بدأت تتسرب إلى العلن شكاوى أطباء أطفال وأهالٍ من انقطاع غالبية اللقاحات، وخصوصاً تلك التي تُستخدم في فترة ما بعد الولادة، وقد لحق بتلك الشكاوى أخرى صادرة عن بعض المستشفيات التي ترفع الصوت بسبب انقطاع لقاح hepatitis b وهو اللقاح الذي يُعطى للمواليد الجدد في المستشفيات، والذي يندرج ضمن لائحة اللقاحات الإلزامية.
اليوم، لم يعد السؤال في اللقاحات في عيادات أطباء الأطفال مجدياً، بعدما لحق هذا السؤال غيره من الأسئلة عن الأدوية المفقودة. وقد بات من الصعب حصر لائحة ما هو موجود، لسببين أساسيين، أولهما أن «لا شيء ثابتاً الآن مع موجة انقطاع الأدوية واللقاحات بسبب الأزمة»، وثانيهما هو غياب الخيط الفاصل بين ما هو مفقود وما هو مخزّن، خصوصاً في ظل لجوء بعض التجار وحتى الصيدليات إلى «ضب» بعض أصناف الأدوية تمهيداً لما بعد مرحلة رفع الدعم. من هنا، يُجمع عدد من أطباء الأطفال على أن ما هو موجود لا يتعدى الثلاثة لقاحات، ومنها لقاح الحصبة والحصبة الألمانية واليرقان أ (hepatitis a)، وإن كانت هناك أنواع أخرى متوفرة، فهي «ليست عامة، ويمكن أن يحصل عليها الطبيب بمعارفه أو يحصل عليها الأهالي من خلال جولاتهم على الصيدليات». في مقابل ذلك، تكبر لائحة اللقاحات المفقودة يوماً بعد آخر، ويعدّد أحد أطباء الأطفال بعض الأنواع المفقودة ومنها مثلاً «لقاح التطعيم ضد فيروس روتا (مسبب الإسهال لدى الأطفال)، وهو أساسي في مرحلة ما بعد الولادة مباشرة، واللقاحات الثلاثية (شاهوق – خانوق – كزاز) والرباعية (شاهوق – خانوق – كزاز – شلل) والخماسية (الأمراض السابقة يضاف إليها السحايا) والسداسية (الأمراض السابقة يضاف إليها التهاب الكبد الوبائي ب hepatitis b) ولقاحات الحماية ضد سرطان عنق الرحم والتيفوئيد والسل…».
لا تتوقّف هذه اللائحة عند حدّ، ومن المتوقع مع اشتداد تداعيات الأزمة المالية أن تطاول ما هو موجود أصلاً، خصوصاً أنه بحسب أحد أطباء الأطفال لم يعد هناك «سوى شركتين إلى ثلاث توزّع لقاحات».