انفجار المرفأ: المحقّق العدلي أمام الاختبار

9 يوليو 2021
انفجار المرفأ: المحقّق العدلي أمام الاختبار

كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”: قد يصل المحقّق العدلي القاضي طارق بيطار في الساعات المقبلة إلى حائط مسدود إذا ما قرر المجلس النيابي عدم تلبية طلبه رفع الحصانة عن ثلاثة نواب، وإذا رفضت المراجع الإدارية منح أذونات الملاحقة. فهل ينهي طلبه ملاحقة الوزراء كمدعى عليهم مشواره في ملف التحقيق أم أن لديه خطة بديلة للمواجهة؟

يخشى المراقبون لأداء بيطار من أن يؤخذ بعاطفته التي لا تخفى على أحد وضعفه أمام أهالي الضحايا الذين فقدوا أعزاءهم. ويُتخوّف من أن يكون قد رسم الرأي العام سقفاً لم يُرِد المحقق العدلي النزول تحته. فهل يكون ادّعاؤه على الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية من هذا الباب، أم أنه لمس فعلاً أنّ هناك مسؤولية وإهمالاً. وقد توقف كثيرون عند مصطلح «ملاحقة» الذي أورده بيطار في طلبات رفع الحصانة النيابية التي بعث بها إلى البرلمان، على اعتبار أنّ ذلك يعني حُكماً وجود اقتناع لدى المحقق العدلي بتورّط الذين يطلب رفع الحصانة عنهم بالإهمال وأنّ هناك نية لتوقيفهم. كما تعتبر جهات سياسية متضررة من الادعاء أنّ من كان «يسيّر» تحقيق القاضي ميدانياً هو فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الذي يُحسب سياسياً على خصومها. وبالتالي، فإنها تتخوّف من توجيه التحقيق باتجاه أو ضد شخص أو فئة بعينها.

هناك مسألة أخرى يجدر التوقف عندها. يقبع خلف القضبان عددٌ من الموقوفين قاموا بواجبهم بإبلاغ رؤسائهم بأمر النيترات. ورغم ذلك، دُكّوا في السجن. نعمة البراكس كان الرجل الأول الذي أبلغ أمن الدولة بأمر النيترات، محذّراً من خطرها، بعدما يئس من تقاعس الباقين. موقوف آخر أرسل عشرات المراسلات في هذا الخصوص، بينما هناك قاضٍ لا يزال يسرح ويمرح مع أنه اتخذ قرار الحجز على السفينة وإنزال النيترات وتعيين حارس قضائي عليها، ما تسبّب في كل اللغط الذي سبق الانفجار لجهة أنّ موظفين ومسؤولين كانوا يعتبرون أن أمر المواد المحجوزة ليس من شأنهم لأنها مشمولة بقرار قضائي.
لقد تسلّم المحقق العدلي عدة تقارير من المحققين الفرنسيين، لكنه لم يتسلّم التقرير النهائي بعد، إذ يُفترض أن يتسلّمه في أيلول المقبل. التقرير الأول اعتمد على مصادر مفتوحة لتحصيل المعلومات، منها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حيث كان أقرب إلى تحليل إعلامي. التقرير الثاني تضمّن الخلاصات الفنية الأولية. التقرير الثالث كان تقرير الخبرة الذي تسلّمه قبل أسابيع، والذي نفى فرضية وجود عمل إرهابي ليرجّح الخلاصات التي توصّل إليها خبراء المتفجرات اللبنانيون. ويُنتظر وصول التقرير الفني النهائي المفصّل في أيلول، على أن يُصدر بعده القاضي بيطار قراره الظني.
لا يزال من المبكر «الحكم» على ما يقوم به المحقق العدلي، لكن السؤال الأساسي الذي ينبغي أن يُطرح حالياً، هو: ماذا سيفعل القاضي بيطار لو اصطدم بالحصانات النيابية والأمنية؟ هل يُطيح ذلك الملف، أم أن الدعم الشعبي سيكون سنداً وعوناً له للمواجهة؟ هل سيتوقف الملف بمجرد قرار وزير الداخلية منع منح الإذن بملاحقة مسؤول أمني ورفض المجلس النيابي رفع الحصانة النيابية، أم أنّ لدى المحقق العدلي «أرنباً» سيُخرجه في الوقت المناسب؟