العتَمة الشاملة حلّت… ولا مخرج إلا بالنفط العراقي!

10 يوليو 2021
العتَمة الشاملة حلّت… ولا مخرج إلا بالنفط العراقي!

كتب ايلي الفرزلي في “الأخبار”: العتَمة التي لطالما كانت هاجساً مؤرقاً لكل المقيمين في لبنان، تحوّلت إلى واقع مرير. «Black Out» شامل عاشه لبنان أمس، بدءاً من السادسة صباحاً، واستمر حتى صباح اليوم. ما حصل عيّنة ممّا يمكن أن تُسبّبه العتمة. ليست المشكلة في الإنارة أو تشغيل المكيفات أو حتى تشغيل البرّادات أو تراكم الغسيل في المنازل. العتمة تعني توقّف توزيع المياه، وتعني توقّف مصافي تكرير مياه الصرف الصحي (على قلّتها)، وتعني تعطيل المرافق الحيوية، وتعني احتمال إطفاء آلات الأوكسيجين في المستشفيات وإطفاء غرف العمليات، لعدم قدرة أي مولّد خاص، إذا توفر المازوت، على التشغيل 24 ساعة يومياً…
 
المطلوب، على ما يبدو، ليس إيجاد الحلول، بل أن يعتاد الناس العتمة كما تعوّدوا شحّ البنزين. فما جعل العتمة الشاملة واقعاً سيتكرر. شحّ الدولار وتقنين مصرف لبنان لفتح اعتمادات الفيول ورفضه تمويل حاجة القطاع إلى قطع الغيار والصيانة، ستجعل المعامل مهدّدة بالتوقّف كل يوم. لا جديد في الإشارة إلى أن الأزمة اليوم مرتبطة بتأخّر مصرف لبنان بفتح اعتمادات شحنة «ديزل أويل»، ثم تأخّر المصرف المراسل في تأكيد هذه الاعتمادات (تلك خطوة صارت ضرورية للمورّدين العالميين ليوافقوا على التعامل مع لبنان).
 
“البشرى السارة” أن الشحنة التي وصل نصفها، في ٢٨ حزيران، إلى الزهراني (٣٠ ألف طن)، ووصل نصفها الآخر إلى دير عمار في الثاني من تموز الحالي، أفرج عن جزء منها مساء أمس، بعدما تمت الموافقة على تفريغ حمولة شحنة دير عمار، على أن تتبعها اليوم الموافقة على تفريغ شحنة الزهراني. لكن ذلك لن يشكل فارقاً. إعادة المعامل إلى العمل، ستجعل التغذية ترتفع إلى ما معدله 5 ساعات يومياً. أمس، بعدما أطفئ معملا الزهراني ودير عمار، بقيت البواخر التركية تنتج نحو ٣٣٠ ميغاواط، يضاف إليها نحو ٢٠٠ ميغاواط من معامل أخرى (صور، المعامل المائية، الجية القديم، وماكينة واحدة في كل من الزوق والجية الجديدين…)، لكن بهذا الإنتاج المتدنّي، كان يستحيل الحفاظ على استقرار الشبكة بعدما انخفض التردد إلى ٤٨ هيرتز، فيما يفترض أن لا ينخفض عن 50 هيرتز. ولذلك، أطفئت البواخر تلقائياً وتبعتها المعامل الأخرى.
 
لا أحد يطلب اليوم زيادة الاستثمار في إنتاج الكهرباء، ولا الوصول إلى 24 ساعة من التغذية حالياً. بات كل المطلوب هو المحافظة على استقرار الحد الأدنى في إنتاج الكهرباء، بحسب القدرة الإنتاجية لكهرباء لبنان. وحالياً، وحده الفيول العراقي يُفترض أن يحقق بعضاً من هذا الاستقرار، فهو يغطي ثلث حاجة المعامل، في حال التغذية الكاملة، بما يعني إمكانية إبعاد شبح العتَمة الشاملة، لسنة على الأقل.
 
لكن في ظل خشية من أن يكون الصمت الرسمي مؤشراً لإقفال الملف، تؤكد مصادر مسؤولة أن توقيع العقد لن يكون بعيداً، مشيرة إلى أن مسودته صارت جاهزة. وتم تشكيل لجنة تضم ممثلاً عن وزارة الطاقة وممثلاً عن مصرف لبنان لوضع اللمسات الأخيرة عليه، تمهيداً لتوقيعه من قبل وزارة الطاقة. وبحسب المصادر، بعدما أقرّت الحكومة العراقية رفع الكمية من ٥٠٠ ألف طن إلى مليون طن من النفط، انتقل الملف إلى المرحلة الإجرائية، والنقطة المركزية فيها هي الاتفاق على آلية الدفع. وهذه مسألة جرى التفاوض بشأنها بين المصرفين المركزيين العراقي واللبناني، بإشراف مباشر من رئاستَي الحكومة في البلدين.