فاقعا كان المشهد في عين التينة أمس. في الشارع اهالي ضحايا انفجار المرفأ يحملون صور أحبائهم مطلقين صرخة وجع تستصرخ الضمائر للاسراع في كشف الحقيقة عن جريمة على مستوى وطن.
وفي الداخل نواب يتناقشون في”جنس الحصانة النيابية ومقوماتها”،وبعضهم وجدها فرصة للمزايدة الشعبوية المقيتة،بعين الطامح الى “اقتناص” مقاعد نيابية، فيما الوطن على شفير الانهيار الكامل.
ليس الكلام لتوجيه اتهام لاحد او ادانة احد، لا سيما مَنْ هم معنيون مباشرة بملف رفع الحصانة وسواهم، فنحن لسنا قضاة ومحققين عدليين، بل جل ما في الامر أننا نقارب الامر من مبدأ اساسي هو انه في حالة جريمة بهذه الحجم تسقط كل الاعتبارات والشكليات. واذا كان المبدأ القانوني يعتبر كل متهم بريئا الى أن يثبت العكس، ففي حالة ” الزلزال الذي اصاب الوطن” يصبح كل مسؤول متهما الى أن يثبت العكس، ومِن مصلحة الجميع، خصوصا مَن وردت اسماؤهم في التحقيق او لم ترد ، او سترد لاحقا، ان يمثلوا امام القضاء لكشف الحقيقة حتى لا تبقى اصابع الاتهام توجّه اليهم اينما حلّوا ولئلا تلاحقهم وعائلاتهم “لعنة الانفجار”، لان الله حتما يستجيب دعاء المظلوم.
مَنْ كانت حشريته الصحافية طاغية الى حد التهوّر وتسنى له الوصول الى قلب ساحة انفجار مرفأ بيروت ، بعد دقائق من حصوله، وشاهد الضحايا والجرحى ارضا وعاين الدمار الشامل في الموقع ومحيطه بالعين المجرّدة لا يمكن الا ان يكون منحازا بالكامل الى فريق المطالبين باسقاط كل الحصانات فورا والانكباب بسرعة على انجاز التحقيقات والمحاكمات لاحقاق الحق والعدالة.
ومَنْ استغرب وسط مشهد الدمار الشامل بقاء تمثال المغترب ، صامدا بشموخ، ادرك ان الامر ليس صدفة، بل يحمل “رسالة” لا يفهم معناها الا المؤمن بربّه وب”رسالة لبنان”. ومهما حصل فالحقيقة ستظهر وكل من شارك في هذه الجريمة الموصوفة سيحاكم، سواء كان مخططا او منفذا او متغاضيا او مهملا، وسينال عقابه على الارض وفي السماء، وسيبقى تمثال المغترب شاهدا على نضال لبناني يحمل وطنه في قلبه وعقله ، اينما حل، وعينه دوما على بيروت، التي ستنهض من جديد وسينهض معها لبنان باذن الله.
المصدر:
لبنان 24