قصص كثيرة تلفتنا عن لبنانيين يرغبون بالهجرة بسبب الأزمات المتلاحقة التي يمّر بها لبنان، وآخرها الدولار والبنزين. لكن قصة سابين ع. مختلفة لأنها تختصر كفاح امرأة عصامية عانت الأمرين لتُنشئ وحدها مركزاً تعليمياً خاصاً وتطوّره ليصبح واحداً من أهّم المراكز في لبنان، ثم تتخلى عنه بإرادتها وتبيعه بغية تأمين إقامة لها ولعائلتها (زوجها وطفلها) في دبي للهرب من جحيم لبنان.
تُخبر سابين “لبنان 24” أنها كانت تعيش في دبي منذ 6 سنوات، وقررت العودة لتستقر في لبنان “لأن الوضع حينها كان ممتازاً ويُشجع على الاستثمار”. عندها أسسّت مركزاً تعليمياً يُقدم المساعدة للتلامذة بعد انتهاء دوام المدرسة. وخلال 5 سنوات من العمل المتواصل، استطاعت سابين أن تنافس أهمّ المراكز التي تُقدّم الخدمات نفسها، لتصل إلى مراتب متقدّمة وتكسب ثقة الأهالي الذين وثقوا بها لمساعدة أبنائهم.
لكن بعد هذه السنوات المثمرة في مسيرتها المهنية، لم يعد بإمكان سابين تحمّل أعباء التراجع الاقتصادي الحاد رغم أنّ أرباح المركز تعتبر جيدة جداً نظراً إلى الوضع الحالي، وقررت اتخاذ الخيار المرّ ببيع المركز والسفر مع عائلتها الى دبي سعياً وراء الأمن والأمان والاستقرار.
وتقول: “بعد سنتين شهدت تطورات وكوارث تحدث عادة خلال عقود طويلة، لم نعد نستطيع التحمّل. رغم تعلقي بلبنان، لا أريد لابني أن يكبر في بيئة غير صحية، وغير آمنة تفتقد أدنى مقومات الاستقرار”.
وتتابع: “السنة المنصرمة كانت أكثر من 365 يوماً. أحيانا بدت وكأنها عقود طويلة من المآسي والخيبة والخذلان. لبنان ينهار والمواطن مذلول، ننتظر بالطوابير لأخذ حقوقنا الطبيعية، هل يجب أن ننتظر بعد ليحّل الدمار الشامل؟”.
وشدّدت سابين على أنّ “منظورها التشاؤمي للواقع يمنعنها من الانزلاق إلى تمنيات حول تحسّن الوضع.. لم يعد هناك أمل!”.
قبل “الهروب” الى دبي، حاولت سابين وعائلتها الهجرة إلى كندا وذلك بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي. لكن انتشار جائحة كورونا والقيود المفروضة أدّت الى تأخير طلبات الهجرة فانتقلت إلى “الخطة ب” أي دبي.
قرار سابين بالمغادرة والتخلي عن “طفلها المدلل” أي المركز، بحسب وصفها، كان صعباً جداً، لكنّه الأمل الوحيد لها للفرار من المجهول، بحسب تعبيرها، حيث لفتت الى أن البدء من الصفر أفضل من البقاء في لبنان والخوف على مستقبل أطفالنا.
حال سابين يشبه إلى حدّ كبير وضع المواطن اللبناني اليائس الذي يبحث عن وطن بديل يحتضن أحلامه. لبنان لم يعد “وطن النجوم” كما قال الشاعر إيليا أبو ماضي بل أصبح وطن الأحلام المُدمّرة!