كتب جورج شاهين في “الجمهورية”: مهما كانت السيناريوهات المتداولة سلبية، هناك من يعتقد أنّه لم يتوافر بعد من يُنزل البعض عن عرشه، فالمواجهة مستمرة أياً كانت الكلفة على لبنان واللبنانيين. وما يعزز هذا التوجّه، انّ المعنيين بفكفكة العِقَد الحكومية يعرفون ذلك، ويصرّون على أنّهم يعيشون بين المظلومين ليرموا التهمة على خصومهم، وهو ما دفع بالمنظمات الأممية الى تكثيف اجتماعاتها لترقّب النتائج المتوقعة على استمرار الستاتيكو القائم، خوفاً من خريف أحمر بعد صيف حار. فلماذا وكيف؟
وتابع: على عكس الشلل الذي اصاب معظم الوزارات والمؤسسات العامة او تلك التي أُصيبت بالعجز عن تأدية واجباتها، وتراجع حضور الموظفين الى مكاتبهم الى النصف في بعض المؤسسات، وبنقص حاد يقارب الـ 35 % في البعض منها بالإضافة الى فقدان القرطاسية من ورق وأقلام وحبر والبطاقات الذكية التي كانت معتمدة في وزارة العمل للعاملات والعمال الاجانب، فإنّ المؤسسات الأممية المعنية بشؤون الإغاثة، تشهد ورش عمل كبيرة جنّدت لها خبراءها والمتعاقدين معها، من ممثلي الجمعيات والهيئات المتخصّصة، لوضع السيناريوهات التي تترقب ما هو آتٍ، على ضوء سلسلة من التقارير التي تتحدث عن انهيارات متتالية في أكثر من قطاع.ليس في ما سبق ما يدعو إلى الإستغراب. فكل التقارير المرفوعة إلى المسؤولين الكبار بلا استثناء، من اجهزة الرصد والتعقب، استباقاً لأي حدث ما، تحاكي المستقبل القاتم، ما لم يجرِ تدارك الأمور لوقف النزيف الحاد ولجم التدهور الذي يتوالد يومياً ويتمدّد بنحو دراماتيكي ومتسارع لا قدرة لأحد على وضع حدّ له. وفي مقابل تجاهل ما تقترحه هذه التقارير من مخارج وحلول، حملها الوسطاء الى المعنيين بأطراف الأزمة، لم يتغيّر أداء اي منهم، فتعبر الأسابيع والأشهر من دون ان يخطو اي منهم خطوة تمهّد الى التلاقي بين المتخاصمين، في انتظار امر ما، ما زال مجهولاً لم يتمكن علم الغيب من كشفه والإحاطة به.
وأضاف: كل ذلك يجري، على وقع التحضيرات الجارية للمؤتمر الثالث الذي تعمل من أجله وترأسه فرنسا في 20 من تموز الجاري، على رغم مما تتعرّض له مبادرتها من انتقادات لبنانية تسخّفها وتعيدها الى ازمات داخلية يعيشها ماكرون في بلاده، كما تلك التي تعرّضت لها من دول محور الممانعة ومن يتبنّاها، في مقابل ما لقيته من دعم تقدّمته دعوة بابا الفاتيكان الى التحرّك لإنقاذ لبنان، والتي أثمرت حراكاً ثلاثياً اميركياً ـ فرنسياً ـ سعودياً ما زال في مرحلة إقلاعه، من خلال اللقاءات التي عقدتها السفيرتان الأميركية دوروتي شيا والفرنسية آن غريو في الرياض الأسبوع الماضي، واستُكملت في مقر السفارة السعودية في بيروت منذ نهار امس، بحثاً عن آليات تطلق خطط الدعم للشعب اللبناني، بمعزل عن حكومته والمؤسسات الحكومية المشكوك في صدقيتها وفقدان ادوارها وعجزها عن القيام بما وجدت لأجله.وعلى هذه الخلفيات، تحتسب الهيئات الأممية ما سيكون عليه الوضع مع بلوغ الخريف المقبل من احتياجات لتأمين حاجيات موسم الشتاء وانطلاقة السنة الدراسية، في ظل أوضاع المدارس والمؤسسات العامة والخاصة المزري بلا كهرباء ولا محروقات وفقدان مقومات صمود تتزامن مظاهرها مع الغلاء الفاحش واختفاء الدواء والغذاء، وربما انهياراً متزايداً في أسعار العملة الوطنية الذي يفقد أكثر من ثلثي الشعب اللبناني قدرته على التكيّف مع ما هو متوقع، ويشرّع البلاد على مظهر من مظاهر الدول الفاشلة بما لها من تبعات اجتماعية وانسانية وربما امنية، في وجود مليوني لاجئ ونازح سوري وفلسطيني ومن جنسيات مختلفة.