كتب جورج شاهين في ” الجمهورية”: ينصح المراقبون بضرورة مواكبة الحراك الدولي الناشط الذي لم يحظ به لبنان من قبل، لعله يفضي الى لحظة انفراج ينتظرها اللبنانيون منذ فترة طويلة ولم تتحقق رغم صعوبة التكهّن بذلك. فأركان السلطة يتوجّسون من كل حراك خارجي مخافة ان يترجم على حسابهم وقد تجاوزت الانتقادات الدولية والأممية ما هو مرفوض، وربما محظور، في اي دولة في العالم. ولكن المأساة الحقيقية تكمن في انّ المعنيين اعتادوا الاهانات الداخلية والخارجية ووجدوا لها تبريراً برفع المسؤولية عن أكتافهم ورميها على الآخرين في لعبة مكشوفة تشهد لها الاندية الديبلوماسية التي تحتفظ بأسرار لا يمكن البوح بها في هذه المرحلة.
والأخطر، إن استمر المسؤولون الذين يقودون حرباً داخلية بلا هوادة في تجاهل التحذيرات الدولية ممّا هو أسوأ، وما لم يتوقفوا عن تَفنّنهم في مواجهتها تارة بالترحيب بها وأخرى برفضها بحجج مختلفة في محاولة لإلقاء اللوم على الآخرين. والأسوأ أنهم لا يريدون الاعتراف بأنّ العالم لم يعد يفصل في ما بينهم، فهم على لائحة المعرّضين للعقوبات المتوقع صدور مزيد منها دفعة واحدة وبتهمة موحدة، عدا عن شهادات الإدانة التي صدرت وتلك المنتظرة من مراجع أممية وديبلوماسية على أرفع مستوى. من دون أن ننسى تلك التي تحدثت عنها مؤسسات التصنيف المالية والإنسانية التي وضعت لبنان في آخر لوائح الدول في مجالات عدة، لا سيما منها تلك التي تقيس بموازينها معدلات الفساد والإفساد والفشل في إدارة الشأن العام وتحقيق ما يستحقه أي إنسان في الخمس الأول من القرن الواحد والعشرين.
على هذه الخلفيات، وأيّاً كانت النتائج التي سيفضي اليها الحراك الدولي والإقليمي السريع في الساعات المقبلة، فهي تترنّح بين خيارات قليلة وأهمها اثنان:
– إعتذار الرئيس المكلف عن مهمة التأليف في الساعات الـ 24 التي تلي تقديم تشكيلة حكومية «مفخخة» يرفضها رئيس الجمهورية. فالصيغة المعرّضة لهذا السيناريو ستكون بالمواصفات التي تم التفاهم في شأنها بين الحريري وبري ومعهما اكثر من طرف، وهي تترجم ما يصرّ عليه الرئيس المكلف على رغم من علمه المسبق برفضها وهي تتصل ببعض الحقائب والأسماء.
– قد يعود الحريري من لقاءات القاهرة بمعطيات جديدة تغيّر في مجريات ما هو متوقع حتى اليوم، فالرئيس المصري تعهّد بتذليل بعض العقبات وتوفير بعض الضمانات التي يمكن الحريري ان يسترشد بها للمضي في مهمة التأليف ولكن العقدة ستكون في المقلب الآخر ما لم تتلاقى الإرادات من حولها.
وتبقى نافذة الامل الوحيدة أن تتلاقى الإرادات كافة على توفير فرصة اخيرة للبنان بعيداً من مساحة الجحيم التي سيدخلها البلد. وعندها تتوحّد النصائح الموجهة الى جميع القادة اللبنانيين بعدم لجوء اي منهم الى إعلان انتصاره أيّاً كانت النتائج. فالبلد بات قائماً من «خيوط العنكبوت»، وأيّ رهان على دور له في المرحلة المقبلة معطّل سلفاً الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.