كتبت راجانا حميّة في “الاخبار”: يصرّ حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، على التهرّب من التزامه بدء تنفيذ الآليّة الجديدة لدعم الدواء. فأمس، وعن سابق تصور وتصميم، خرج سلامة ببيان أعلن فيه أن الدولارات التي أنفقها مصرف لبنان لتأمين استيراد الدواء والمستلزمات الطبية في النصف الأول من العام الحالي تفوق ما أنفقه للغاية ذاتها طوال العام الماضي. بيان كهذا لم يأت لمجرّد توضيح الأرقام أمام الرأي العام، وإنما كانت وظيفته استباق ما سيعلنه وزير الصحة العامة حمد حسن في إطار تحديد الأولويات الدوائية التي تحتاج إلى دولارات من مصرف لبنان لاستيرادها، ودفع الوزارة للمزيد من «التشحيل» في تلك الأدوية.
هل يريد سلامة في ذلك الوصول إلى خاتمة الدعم؟ يرى المعنيّون بملف الدواء أن هذا الأمر هو الأقرب إلى منطق الأمور استناداً إلى ما جرى خلال الفترة الأخيرة، إذ يشكّ هؤلاء في أن «يكمل الدعم حتى آخر السنة، إذ ثمة معلومات بأن الدعم قد يستمر لثلاثة أشهرٍ فقط، ويبدأ بعدها الرفع».
على الطرف الآخر، تشير معلومات أخرى إلى أن قيمة الخمسين مليون دولار أميركي التي يتداولها المعنيون باعتبارها قيمة ما سيقدمه سلامة شهرياً للدعم فيها «الكثير من المبالغة»، إذ إنه في أحسن الأحوال «يحدّد قيمة الدعم بما بين 35 و40 مليون دولار أميركي كحدّ أقصى». ولذلك، وبرأي بعض المصادر، فعل سلامة ما فعله أمس «واضعاً الضوابط أمام وزير الصحة حتى يأتي اليوم بلهجة خفيفة». ويذكر أنه في فترة سابقة، كان الحاكم يطرح دعم الدواء على أساس 25 مليون دولار أميركي شهرياً، «وكان ذلك خلال لقاء ثلاثي جمع إلى سلامة رئيس الجمهورية ووزير الصحة، وقد بادر الوزير حينها إلى الرد على سلامة بالقول: فليكن لدينا الجرأة بأننا اتخذنا قراراً بمعاقبة وزارة الصحة والمواطنين».
«بين حانا ومانا، ضاعت لحانا»، هكذا يختصر رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي ما يجري بين المصرف المركزي والمستوردين. زحمة من البيانات بلا طائل، فيما المرضى يتسوّلون الأدوية من المعارف، حيث فرغت رفوف الصيدليات من الأدوية… أو أُفرِغت. ما لا يعرفه الحاكم والمستوردون أيضاً أن 100 صنف من أدوية السرطان مفقودة، وأن إبرة الأنسولين التي هي العلاج الوحيد لعدد كبير من مرضى السكري، والتي لا بدائل لها، مفقودة هي الأخرى.
هذه الوقائع تكشف حالة من الاستعصاء التي لا حلّ لها سوى بأن تقرر الدولة، استناداً إلى حالة «التعبئة العامة» المفروضة بسبب أزمة وبائية، التصرّف وفق ما تقتضيه الحالة الطارئة التي تعيشها البلاد. البداية هي بمصادرة الأدوية المخزنة في المستودعات، ومعاقبة المستوردين والتجار الذين يثبت تورطهم بالتهريب. والأهم، إسقاط صفة «السلعة» عن الدواء، كونه من الحاجات الحيوية، واستيراده مباشرة وإيصاله إلى مستحقّيه من دون أرباح وتكاليف تسويق
المصدر:
الأخبار