تسوية تسبق الانهيار ام العكس؟

16 يوليو 2021
تسوية تسبق الانهيار ام العكس؟

اعتذر الحريري وفتح الباب على كل الاحتمالات السياسية والدستورية، خصوصا ان اعتذاره جاء في مرحلة مبكرة تسبق الانتخابات النيابية، وعليه فإن الاسئلة التي تطرح اليوم، والتي ستطرح خلال الايام المقبلة ستأخذ طابعا حاسما جدا نظرا لتسارع الانهيار اكثر واكثر.

لا شك بأن الازمة الاقتصادية والمالية والنقدية ستأخذ مسارات خطيرة بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري، لان اي امل بتشكيل حكومة سريعا لم يعد موجودا، وبالتالي فإن البلد سيكون على حافة الانهيار الكبير الذي كان الجميع يحاول تجنبه.لن يسمي الرئيس سعد الحريري بديلا عنه، هذا ما اعلنه في مقابلته امس، وهذا يعني ان  مسار تشكيل اي حكومة جديدة سيحتاج اولا الى توافق بين الرئيسين عون وبري، وهو امر لا يبدو متوفرا الآن، والى قرار واضح من “حزب الله” حول الخيار الذي سيأخذه.

وفق مصادر مطلعة فان “حزب الله” ليس راغبا في المواجهة، او بمعنى اخر ليس معنيا بتحمل مسؤولية الكارثة الاقتصادية وحده، وهذا امر متوقع في حال شكل حكومة من لون واحد، لان الشارع سينفجر في وجهها وسيحملها الناس مسؤولية الخراب.وترى المصادر ان الرئيس ميشال عون يرغب بالذهاب الى حكومة بسرعة، لكنه في الوقت نفسه يريد توافقا مسبقا مع “حزب الله” حول شكلها ودورها، وهذا كله يحتاج الى وقت لا يملكه لبنان في ظل التدهول الهائل في سعر صرف الدولار، والفوضى الاجتماعية التي بدأت تظهر هنا وهناك.يتجه البلد الى كباش نهائي وكبير بين “حزب الله” من جهة والدول الغربية من جهة اخرى، اذ انه من الواضح ان باريس باتت الاكثر استعجالا لتشكيل الحكومة ومن خلفها واشنطن، وهذا ظهر في حدثين، الاول زيارة السفيرتين الفرنسية والاميركية الى القصر الجمهوري امس وزيارة الموفد الفرنسي باتريك دوريل الى الضاحية الجنوبية ولقائه النائب محمد رعد.وفق المعطيات فان دوريل حاول اقناع “حزب الله” بالضغط على الرئيس عون للقبول بالتشكيلة الحكومية وبعد ذلك سعى الى بحث اسماء بديلة عن الحريري في حال اعتذاره، ودخل في تفاصيل المرحلة المقبلة. كل ذلك يوحي بأن الازمة باتت تطال مصالح بعض الدول في لبنان.بات من الصعب على واشنطن الاستمرار بسياسة الضغط الى الانتخابات النيابية من دون حدوث انهيار كامل بالدولة والمؤسسات ما يشكل خطراً على نفوذها في البلد وعلى اصل اجراء الانتخابات، لذلك فإن عملية انقاذ سريعة باتت حاجة جدية ، ولو بمستويات محدودة.كل هذا يفهمه  “حزب الله” ، الذي لن يشكل حكومة مواجهة ولن يحمل كرة النار من دون غطاء سياسي، ويراهن بذلك على ان الغربيين يرتابون من الانهيار، وانه في حال وصلنا اليه سيكون جاهزا للذهاب الى خيارات بديلة ليس اخرها النفط الايراني، وهذا ايضا سيشكل ضغطا على ثنائي واشنطن – باريس.اذا هو شد الحبال الاخير بالتزامن مع الانهيار، والفوضى، فهل نصل الى تسوية تمرر الاشهر التي تسبق الانتخابات النيابية ام ان مصير لبنان سيكون سوداوياً؟