كان لافتا الهجوم السياسي الذي قام به الرئيس سعد الحريري ضد “حزب الله” خصوصا ان المرحلة الماضية، والتي كانت طويلة، شهدت هدنة جدية بين الطرفين مما جعل من تصريحات الحريري في مقابلته الاخيرة مدار جدل واسع في الحيز السياسي والاعلامي.
لكن الحريري، الذي اثبت انه لا يهوى الاشتباك المستمر مع الحزب، وجد نفسه مضطرا لمخاطبة ابناء شارعه الذي يشعر بالغبن، والذي ليس مقتنعا ان الحزب وقف الى جانب زعيمهم. في الواقع هذا سؤال مشروع، خصوصا في ظل الكباش الكبير الذي كان حاصلا بين بيت الوسط وبعبدا.
استطاع الرئيس سعد الحريري اعادة شد العصب السني حوله، لا لشيء الا لانه واجه عهد الرئيس ميشال عون، فالوجدان في هذا الشارع، لا يستطيع تخطي الحساسية السياسية التي بدأت منذ وصول عون الى لبنان وتطورت مع دخوله قصر بعبدا.
يرى السنة، ان ما يسعى اليه عون هو ضرب دستور الطائف، وبالتالي تهشيم صلاحيات رئيس الحكومة السني. في الحقيقة، اصل عتب جمهور الحريري على زعيمهم يعود الى انه صالح عون وتنازل له، وعقد معه تسوية ضربت العصب السياسي للسنية السياسية، لذلك فإن شارع الحريري يشعر بالغبن والاستهداف من وجود عون بحد ذاته.
حمل الشارع السني “حزب الله” مسؤولية ايصال عون الى السلطة وترافق ذلك مع التوتر المذهبي الناتج عن الحرب السورية التي كانت في عزها، لكن الهدنة الحريري مع حارة حريك ساهمت في اعادة ترتيب الاجواء من دون ان يستطيع الجمهور السني تقبل عون. تعايش السنة مع التقارب مع “حزب الله” ولم يتعايشوا مع عون.
من هنا يمكن فهم كلام الحريري التلفزيوني ضد الحزب، فشارعه يشعر مجددا ان الحزب وقف مع عون ضد صلاحيات الطائفة، وانه يهدف الى اضعاف القيادات السنية من اجل تعديل الطائف واعادة رسم الصيغة في لبنان.
بعيدا عما اذا كان هذا الامر صحيحا ام لا، غير ان جمهور الحريري، وغالبية الشارع السني، ينظر الى عون بوصفه واجهة لحزب الله، ينفذ سياساته، ومن هذه السياسات، اضعاف موقع رئاسة الحكومة، لذلك فإن الحريري لم يعد قادرا على مراعاة الحزب امام بيئته، مما يعني اننا قد نكون امام تسخين جديد للصراع السياسي بين بيت الوسط وحارة حريك.