على الرغم من دخول البلاد في عطلة عيد الأضحى، الا ان الخطوة التي أقدم عليها رئيس الجمهورية عبر تعيين موعد الاستشارات النيابية يوم الاثنين المقبل، ستكون النقطة المشتركة في جميع اتصالات المعايدة.
وعليه تقف البلاد أمام سيناريوين اثنين في خلال الأسبوع الجاري: الأول، محاولة عون في الأيام المقبلة الوصول الى توافق حول شخصية ما تحظى برضى كل من حزب الله وحركة أمل والحريري وجنبلاط، رغم ترجيح استحالة ذلك قبيل انقضاء عطلة عيد الأضحى. وتتوقع المصادر عندها تأجيل الرئيس للاستشارات الى موعد آخر ريثما تنضج المفاوضات، ولا سيما أنها لا تقتصر على اسم رئيس الحكومة، بل الأساس فيها هو وظيفة الحكومة التي ستتشكل. وحسم هذا الأمر يسهّل تسمية رئيسها، فيما السيناريو الثاني يقوم على ما يشير اليه رئيس الجمهورية بتلبيته دعوة الجميع الى استشارات في أقرب وقت، والقبول بنتائج التصويت كيفما أتت، من دون اتفاق مسبق. لكن لهذه الفرضية مشكلة تتمثل في أن الفائز بأكثرية ضئيلة لن يتمكن من التشكيل، ما يعني فعلياً العودة الى النقطة الصفر: تأجيج المشكلات و… انهيار مضاعف.لا اتفاق
وبحسب المعلومات فان العامل المؤكد حتى الان هو ان لا اتفاق مسبقاً على أي مرشح ولا على أي توجه بشأن الترشيح حتى الآن. وتتحدث معطيات عن أن الاسماء التي يتم تداولها ترمى بهدف رصد ردات الفعل عليها، وليس بينها إسم مفضل او متقدم.
تشير المصادر المواكبة في هذا الاطار، الى ان مهمة الحكومة المقبلة لم تحدد حتى الآن. فإذا كانت حكومة انتخابات نيابية قد تسقط في هذه الحالة اسماء مرشحين ممن يريدون خوض الاستحقاق. وقد تتقدم اسماء اخرى مثل سمير الخطيب الذي سقط ترشيحه في المرة السابقة، او شخصية شبيهة بالرئيس حسان دياب الذي قد تصبح حكومته المستقيلة خياراً بالاشراف على الانتخابات في حال عدم الاتفاق بين القوى السياسية.
ومن هنا، لا مؤشرات على إمكان التوافق قبل موعد الاستشارات، لاسيما وان أي مرشح يجب ان يكون مقبولاً من ثنائي “أمل” “حزب الله” ومن رئيس الجمهورية وفريقه اذا كانت حكومة اللون الواحد، واذا كان المطلوب التوافق فيجب ان يحظى بغطاء سني بدءاً من رؤساء الحكومات السابقين، اي ان يكون صاحب بروفيل يشبه مصطفى اديب، وهذا ما يبدو حتى الآن صعب التحقق.
وعلى هذا الأساس، خلصت أجواء مختلف الكتل الضالعة في المشاورات الحكومية إلى خلاصة وحيدة تؤكد أنّ “الضياع” سيّد الموقف ولا أحد يملك تحديد “بوصلة” مسار التكليف ربطاً بتشرذم المواقف وتضارب المصالح والأجندات، حتى أنّ أوساطاً قيادية في قوى الثامن من آذار أعربت عن قناعتها بأنّ “الأمور لن تنتهي على خير… وحكومة جديدة “ما في” قبل الانتخابات”، موضحةً أنّ “المعادلة واضحة: أي مرشح يطرحه جبران باسيل سيكون “محروقاً” سلفاً عربياً وسنياً، وأي مرشح لا يحظى بغطاء الطائفة السنية لن يسير به الثنائي الشيعي، وعليه فإنّ الأمور مفتوحة على مزيد من التعقيدات في ظل قرار الحريري عدم تغطية أي اسم بديل عنه في سدة الرئاسة الثالثة”.
اين كتلة المستقبل؟وفي هذا السياق، جددت أوساط مستقبلية التأكيد على خيار “النأي بالنفس” عن عملية التكليف، مشيرةً إلى أنّ المطروح اليوم على طاولة البحث لا يتخطى حدود النقاش في “المشاركة أو المقاطعة” يوم الاستشارات النيابية، وأوضحت أنّ الحريري بصدد تحديد موقفه بعد التشاور مع رؤساء الحكومات السابقين للخروج معهم بتصور مشترك إزاء كيفية مقاربة عملية التكليف الجديدة.
ما هو موقف الرئيس بريأما على ضفة “عين التينة”، فلا يزال رئيس مجلس النواب نبيه بري يحافظ على مسافته المتباعدة عن التوجهات العونية، بخلاف ما روّجت له أوساط بعبدا خلال الساعات الأخيرة من أجواء توحي بوجود تنسيق بين رئيس الجمهورية وبري حيال مشاورات التكليف، لا سيما وأنّ أوساطاً مطلعة على أجواء عين التينة رفضت إعطاء أي بُعد لإشارة القصر الجمهوري إلى حصول اتصال بين عون وبري قبل تحديد موعد الاستشارات، واضعةً الاتصال في الخانة “البروتوكولية البحتة” وفق ما درجت عليه العادة الرئاسية قبل كل استشارات نيابية، باعتبار أنّ رئيس المجلس هو المعني الأول في ما ستفضي إليه الاستشارات النيابية الملزمة، ولذلك يقوم رئيس الجمهورية بالاجتماع به وإطلاعه على نتائجها فور انتهائها، قبل دعوة المرشح الحائز على أصوات أكثرية النواب إلى قصر بعبدا لإبلاغه بقرار تكليفه تشكيل الحكومة.وفي المقابل حرصت أوساط عونية على أن تحفظ “خط الرجعة” لرئيس الجمهورية عن الموعد الذي ضربه لإجراء الاستشارات النيابية الاثنين المقبل، مشيرةً إلى “حق فخامة الرئيس في إرجاء هذا الموعد إذا طلبت منه كتلة نيابية ذلك إفساحاً في المجال أمام إجراء مزيد من المشاورات السياسية بهدف التوصل إلى أرضية توافقية أوسع بين الكتل حيال عملية التكليف”… الأمر الذي دفع بعض المراقبين إلى عدم استبعاد لجوء عون إلى تكرار “السيناريو” نفسه، حين عمد إلى تأجيل الاستشارات بطلب من كتلة “الطاشناق” طمعاً بنجاح محاولة ثني الأكثرية عن تسمية الحريري رئيساً مكلفاً، لافتةً إلى أنّ قرار رئيس الجمهورية في هذا السياق سيكون مرهوناً بما ستفضي إليه المشاورات التي يجريها رئيس “التيار الوطني الحر” مع “حزب الله”… فإذا اقتضت مصلحة باسيل الإبقاء على الاستشارات في موعدها “كان به” وإذا اقتضت التأجيل “كان به” أيضاً.