توقع تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” أنه في حالة حدوث انهيار في لبنان فإن “الصراع الخفي” بين إيران وإسرائيل في مياه البحر الأبيض المتوسط “سيخرج للعلن”.
وتناول الكاتب في المجلة، أنشال فوهرا، وهو مراسل تلفزيوني مستقل ومعلق حول الشرق الأوسط، خطورة ما يجري في لبنان، وتأثير ذلك على الأمن في المنطقة، لفت إلى أن الوضع في المنطقة على صفيح ساخن بسبب تعنت إيران.
وقال إنه “في وقت مبكر من هذا الشهر، تسببت تغريدة إيرانية وأخرى إسرائيلية في حدوث عاصفة في مياه البحر الأبيض المتوسط المضطربة أصلاً”.تغريدة استفزاز.
ويقول التحليل إنه في 26 حزيران، كتبت السفارة الإيرانية في لبنان تغريدة “غامضة الصياغة” مع صورة لسفينة إيرانية وقالت إن طهران “لا تحتاج إلى موافقة الولايات المتحدة لإرسال الوقود إلى لبنان”.
لكن سرعان ما نفت وزارة الطاقة اللبنانية طلبها لاستيراد الوقود الإيراني ، لكن تكهنات انتشرت قبل ذلك بأن هناك بالفعل ناقلة نفط إيرانية كانت في طريقها إلى ميناء بيروت.
وبعد ذلك، في 6 تموز غردت مدونة IntelliNews، وهي مدونة حول شؤون الدفاع والاستخبارات الإسرائيلية، بأن إيران أرسلت سفينة “عرمان114” التي ترفع العلم الإيراني تحمل النفط الخام الإيراني ، إلى لبنان.
وجاء في التغريدة: “حزب الله يقوم بعملية لوجستية لتهريب الوقود الإيراني إلى لبنان”.
وقبلها بأيام قليلة، تعهد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، باستيراد الوقود من إيران.
ويقول فوهرا إن التغريدات تشير إلى اتساع نطاق الحرب بين إسرائيل وإيران التي كانت تدور في الغالب حتى الآن في الظل. هجمات متبادلة.
ولسنوات، انخرطت إيران وإسرائيل في هجمات متبادلة على سفن بعضهما البعض في البحر المتوسط وخارجه.
لكن الصراع تركز في الغالب على ناقلات النفط الإيرانية المتجهة إلى سوريا المتعطشة للنفط “والآن توسع ليشمل لبنان الذي يبدو على نحو متزايد على وشك الانهيار الاقتصادي” وفق التحليل.
وكشف موقع “تانكرز تراكرز” الذي يقدم خدمة تعقب السفن على الإنترنت، في 13 حزيران الماضي أن الناقلة “عرمان 114” رست بالفعل في ميناء بانياس في سوريا.
وقال الموقع إنه تمكن من تعقب عرمان 114 مع سفينتين أخريين تحملان الخام الإيراني مؤكداً أن الميناء هو بانياس السوري وليس بيروت.
وكتبت تانكر تراكرز على تويتر “تؤكد أحدث صور الأقمار الصناعية أن الناقلات الإيرانية الثلاث ذهبت إلى بانياس في سوريا” ليتبين بعد ذلك أن تغريدة السفارة الإيرانية كانت مجرد محاولة استفزاز، حيث استخدمت صورة قديمة وفي الواقع لم تكن عرمان 114 في طريقها إلى لبنان.
ووقتها، تم تفادي حدوث تصعيد فوري بين إسرائيل وإيران، لكن “استراتيجية إسرائيل لاستهداف ناقلات النفط الإيرانية لا تزال نشطة للغاية” وفق فورين بوليسي.كذلك، فغن تصميم إيران على مهاجمة السفن التجارية الإسرائيلية أو سفن حلفاء الولايات المتحدة في الخليج لا يزال متواصلا.
ابتزاز وتهديد
وتستخدم طهران ناقلاتها في ابتزاز الدول الغربية في أكثر من مناسبة، ففي العام الماضي، وصلت ناقلات إيرانية محملة بالنفط إلى فنزويلا، بحسب المجلة.
واستنكرت واشنطن ذلك، في وقت قمع فيه نظام، نيكولاس مادورو، المعارضة في فنزويلا التي تنادي بالديمقراطية.
وقال الأدميرال الأميركي، كريغ فالر، والذي كان يتولى القيادة الجنوبية للولايات المتحدة في الكاريبي، إن الولايات المتحدة تتابع “بقلق” تحركات إيران بشأن فنزويلا.
وهددت إيران أكثر من مرة بقطع الوصول إلى مضيق هرمز، الذي تستخدمه خصوصا السعودية، خصم إيران الإقليمي، وذلك في حال قامت الولايات المتحدة بأي خطوة عسكرية تجاهها.
وتسيطر إيران على مضيق هرمز ، وهو ممر مائي استراتيجي يبلغ عرضه 21 ميلا يمر عبره 20 في المائة من إمدادات النفط العالمية.
“الشركات الواجهة وحزب الله
وفي حديث لـ”فورين بوليسي”، قال الخبير في شؤون الأمن والدفاع لإيران ومنطقة الخليج العربي، فرزين نديمي، إنه من الناحية الفنية، لا يمكن إيقاف سفينة في المياه الدولية ما لم تنتهك القانون البحري الدولي أو ما لم يكن دولة العلم تسمح بذلك.
وقال نديمي: “إذا كان معروفا بحملها مواد مهربة مثل المخدرات أو أسلحة الدمار الشامل، فهناك قوانين أميركية تسمح بالتوقف والتفتيش في أعالي البحار، أو في بعض الظروف يمكن حتى تبرير مثل هذا الإجراء بموجب الولاية القضائية العالمية”.
وأضاف أنه “يمكن للكونغرس الأميركي أيضا إصدار قانون، أو قد يصدر الرئيس أمرا تنفيذيًا يعاقب الناقلات الفردية ويطلب من الدول الأخرى إيقافها بمجرد دخولها إلى مياهها الإقليمية، أو مواجهة العقوبات بنفسها”.
وبما أن إيران تمتلك أحد أكبر أساطيل الناقلات ولديها خبرة كبيرة في كيفية إخفاء حركة شحناتها النفطية، تقوم بانتظام بتغيير الأعلام الموجودة على سفنها، وتعيد تسمية الناقلات، وتوقف أنظمة تحديد الهوية التلقائية الخاصة بها لتجنب التعقب.
وعلاوة على ذلك، وفقًا لتقرير وزارة الخزانة الأميركية، نشرت إيران مجموعة من الشركات “الواجهة” بمساعدة حزب الله لتتمكن من بيع نفطها على الرغم من العقوبات.