في الوقت الذي كانت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية تحمّل “حزب الله” مسؤولية تخزين نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت لمصلحة النظام السوري، كانت الشعبوية تسيطر على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وبدأت حملة استهداف تطال النواب الذين وقعوا على عريضة رفع الحصانة عن النواب والمسؤولين تمهيداً لمحاكمتهم أمام المحكمة المختصة.
ولا شك أن الحملة نجحت في سحب توقيع بعض النواب، لكن السؤال ماذا بعد؟ هل هكذا تتحقق العدالة؟ ولماذا لم نشهد حملة موازية لرفع الحصانة عن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي قال “بلسانه” أنه “كان يعلم”؟ ولماذا لم نشهد دعوات للتحقيق مع “حزب الله” للتأكد من صحة الشكوك بضلوعه في تخزين النيترات؟ أسئلة لا تعني إطلاقاً الدعوة إلى حماية حصانة أي من النواب، بل تعني المطالبة بالمساواة والعدالة والتزام القانون في محاسبة كل مسؤول عن الانفجار الإرهابي.
وكان واضحاً أن أكثر النواب تعرضاً للانتقادات كان نواب “تيار المستقبل”. وسأل موقع “لبنان الكبير” مصدراً رفيع المستوى في “المستقبل”، فأوضح أنه “لا بد من تبيان الحقائق والوقائع انطلاقاً من كلام الرئيس سعد الحريري في حلقته التلفزيونية الأخيرة”.
وفنّد المصدر موقف “المستقبل” وفق الآتي:
“أولاً: إن الدستور ينص بشكل واضح على محكمة خاصة لمحاكمة الرؤساء والوزراء في ما يتعلق بنتائج أعمالهم أثناء توليهم المسؤولية، وكما أحال القاضي طارق بيطار القضاة إلى محكمة خاصة بهم ينص عليها القانون، يجب إحالة الرؤساء والوزراء إلى المحكمة الخاصة بهم والتي ينص عليها الدستور.
ثانياً: إن كتلة المستقبل مع رفع الحصانات عن الجميع بدءاً من فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون، مروراً بسائر المسؤولين. على أن تتم الملاحقة والمحاكمة أمام المحاكم المختصة المنصوص عليها في الدستور والقانون.
ثالثاً: إن تيار المستقبل وكما عبر الرئيس سعد الحريري مؤخراً وسابقاً في بيان كتلة المستقبل وبيان رؤساء الحكومة إثر انفجار المرفأ مباشرة، مع إجراء تحقيق دولي في هذه القضية للوصول إلى الحقيقة الكاملة”.
وذكّر المصدر بما قاله الرئيس الحريري في مقابلته التلفزيونية: “كانت هناك 2750 طناً من النيترات بحسب الفرنسيين والأميركيين والروس، وكل الناس تعرف أن ما انفجر كان 500 طن فقط، ماذا لو انفجرت الـ 2750 طناً؟”.
وسأل: “أين النيترات؟ كيف أتت ومن اشتراها وكيف وصلت؟ ليسجن من يسجن، ولكن هل هذا هو فعلياً سبب الانفجار؟ هناك نيترات وصلت إلى بيروت وانفجرت، كانت كميتها 2750 طناً وأصبحت 500. هناك جيش في المرفأ وهناك الأمن العام والجمارك.
وما أريده هو من أتى بالنيترات إلى المرفأ، ولتحصل الادعاءات على من تريدون، وأساساً إذا حصل تحقيق دولي فسيحقق مع الجميع”.
وورد في كلامه أيضاً: “لا أحد يحترم الدستور والقانون، الدستور ليس وجهة نظر، الدستور دستور، وأنا أقول إذا كنتم فعلاً تريدون الحقيقة يجب الذهاب إلى تحقيق دولي، وأنا مستعد أن أذهب.
ففي التحقيق الدولي الخاص برفيق الحريري ومن اغتاله، لم يُبقوا شيئاً إلا وقاموا به، حتى النواب الذين ذهبوا الى مجلس النواب ليصوتوا للمحكمة الدولية اغتالوهم، ولكن الناس تنسى تلك المرحلة، كيف أغلق مجلس النواب وكيف كان ممنوعاً أن نرسل شيئاً من مجلس النواب وكيف قمنا برسالة لمجلس الأمن لنقيم محكمة دولية”.
وشدد المصدر رفيع المستوى في “المستقبل” على أن “تيار المستقبل يريد معرفة الحقيقة الكاملة بقضية انفجار المرفأ وبمحاسبة جميع المسؤولين وكل من يتحمل مسؤولية بهذا الملف مهما علا شأنه”، مضيفاً: “إذا كان اليوم المطلوب تجاوز الدستور لمحاكمة الرؤساء والوزراء أمام القضاء العدلي لذلك سنتقدم باقتراح تعديل دستوري يقضي بـ:
أولاً: تعليق العمل بمواد الدستور ولمرة واحدة فقط بمسألة أصول محاكمة رئيس الجمهورية وأصول محاكمة رئيس مجلس الوزراء والوزراء، كذلك الأمر بتعليق العمل بقانون أصول محاكمة القضاة، وبرفع جميع الحصانات عن المدراء الأمنيين من دون استثناء بجريمة المرفأ، وبذلك يكون الشعب اللبناني أصبح متساوياً أمام المحقق العدلي وأمام المجلس العدلي.
وفي حال عدم السير بهذا الاقتراح نقترح طلب إنشاء محكمة دولية لهذه القضية، وفي حال أيضاً عدم السير بالاقتراحين، لا يبقى سوى خيار الالتزام بالدستور والقانون الذي ينص على محكمة خاصة لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وكذلك محكمة خاصة للقضاة”.