يبقى الربع الساعة الاخير قبل موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد هي اللحظة الحقيقية الفاصلة امام القوى السياسية لاختيار السكة التي ستُدفع نحوها البلاد، إما انقاذاً او اجهازاً على ما تبقى لديها من نفس. وفي هذا المجال استفزت المشاورات الدائرة والاتجاه نحو تسمية رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي بعض القوى السياسية وعلى رأسها التيار الوطني الحر، كما اخرجت بعض الغيارى الجدد من أوكارهم ففتحوا ماكيناتهم الالكترونية والاعلامية للهجوم على ميقاتي تشويها وتلفيقا لخلق مناخ رافض لتسميته لدى الرأي العام ضاربين في دربهم ابسط ضوابط ومعايير الخصومة بشرف في العمل السياسي.
لاشك ان ما حصل على هذا الخط ليس بجديد وتحديدا من قبل التيار الوطني الحر بشخص رئيسه جبران باسيل الذي بدأ العمل على “بنك اهداف” بشكل جدي منذ مطلع العهد وهو مكون من ثلاثة، الهدف الاول انتزاع صلاحية رئاسة مجلس الوزراء والعودة الى ما قبل اتفاق الطائف، والهدف الثاني تقويض دور النخب السنية ان لم نقل انهاءها وتجربة رئيس الحكومة السابق الحريري خير مثال وحملة التشويه الواسعة والمركزة وتلفيق الملفات التي تساق بحق ميقاتي باعتبار ان وجود شخصية سنية حولها توافق داخلي ولديها مروحة علاقات دولية وازنة يمكن التعويل عليها لاعادة ثقة الخارج واعادة ضخ الروح من جديد في شرايين الاستثمار في البلد ، من شأن ذلك ان يتعارض مع مصالح وطموحات اصحاب الذهنية الالغائية التي لا تشبه ميقاتي ولا سواه من النخب السنية المعتدلة .اما الهدف الثالث فهو يتمثل باضعاف المناطق ذات الثقل السني الوازن وتجريدها من دورها في صنع القرار والشواهد على ذلك كثيرة وقد برزت في محطات سابقة عدة.
بالطبع هذه الاهداف لا يمكن الاستمرار بالذهاب بها، لانه ، حتى ضمن “التيار الوطني الحر” هناك انقسام حول هذا الموضوع، لا بل اكثر هناك رفض لسياسة باسيل وسياسة من يدور في فلكه ولوم كبير على ما وصل العهد اليه. على ذلك يبدو ان رئيس الجمهورية ميشال عون اختار المضي خطوة الى الامام في موضوع التكليف وفقا لما تناقلته الصحف وهذه خطوة يعول عليها في طريق الانقاذ، لانه ، في مقابل سكة الانقاذ سكة ثانية غير ان الدخول فيها يهدد بالانفجار الكبير ، الا ان ما هو اخطر من ذلك ايضا هو وضع لقمة عيش اللبنانيين ومقومات عيشهم تحت رحمة بطاقة تمويلية دولية، وتحويلهم الى لاجئين في وطنهم وهذا ما كشفه تقرير لجنة الدفاع في البرلمان الفرنسي الذي وضع الاسبوع الماضي بما تتضمن من خطوات في هذا المجال، مما يجعل لبنان في موقع الدولة المشردة دوليا والواقعة على خط شد حبال دولي اقليمي خطر، في ظل حراك اميركي جديد في المنطقة تمثل في العمل على جعل الاردن كمركز ثقل عسكري اميركي بديل عن قطر ضمن خطة استراتيجية جديدة يجري العمل عليها في منطقة الشرق الاوسط، بما يؤسس ذلك لمسار مختلف لن يكون لبنان بمعزل عن تداعياته .24/7/2021 المحامية ميرفت ملحم