قضي الامر وبات للبنان رئيسا جديدا مكلفا بتشكيل الحكومة ، عكف في مساء يوم التكليف مباشرة ،وحتى ساعة متأخرة من الليل، على المباشرة برسم خارطة الحكومة التي يعوّل عليها للحد من الانهيار، مراجعا كمّا كبيرا من “الاوراق الحكومية” التي تحوي الكثير من الاسرار والافكار، وهو الذي مرّ بهذه التجربة مرتين ، في مرحلتين كانتا حافلتين بالتحديات ونجح.
وبدا واضحا، من سمات وجهه ومن الكلمات القليلة التي رددها امام حلقة ضيقة جدا من المقرّبين منه، انه مطمئن نسبيا الى مسار الامور، لكنه يعتبر ان العبرة تبقى في مدى التجاوب من قبل المعنيين مع ما سيطرحه عندما يكتمل التصوّر الحكومي بين يديه.
الرجل بدا مرتاحا الى اللقاء الذي عقده مع رئيس الجمهورية بعد انتهاء الاستشارات ومؤكدا انه سيزوره اليوم في اعقاب الاستشارات غير الملزمة في مجلس النواب ، لاطلاعه على الاجواء المتصلة بعملية التأليف.
انشغالات التأليف الحكومي لم تثنه عن اعطاء حيز اساسي لهموم طرابلس، حيث يسكن قلبه وعقله على الدوام، وهو اجرى اكثر من اتصال لمتابعة بعض الاولويات الطارئة، والتي ستبدأ الحلول السريعة لها من اليوم.
في المقابل، لوحظ تراجع “البخ الاعلامي التخريبي” بشكل لافت وانكفأت “افاعي الغرفة الاعلامية السوداء” الى جحورها بقرار حزبي، انسحب ايضا على بعض النواب المغّردين خارج سرب التهدئة.
وعلى امل ان تثمر مساعي الرئيس المكلف في انجاز الملف الحكومي ، وفق المهلة المضمرة التي حددها لنفسه، يمضي اللبنانيون في هموم الحياة اليومية بحثا عن الغذاء والدواء وبطوابير الذل امام محطات المحروقات،متحسرين على قوافل المغادرين الى ديار الغربة بحثا عن الحد الادنى من كرامة الانسان ، ومرددين مع فيروز “ركبوا عربيات الوقت وهربوا بالنسيان، وتركوا ضحكات اولادهن منسية عالحيطان. تركوا لي المفاتيح،تركوا صوت الريح وراحوا ما تركوا عنوان”.
فهل يقتنع المعنيون ان نهج العناد والمكابرة لم يعد ينفع وان كل ما رسموه في بالهم واعتبروه “معركة القرن” من ثلث معطل الى” وزيرين مسيحيين” واكثرية نيابية في انتخابات جديدة وما شابه ، لم يعد له قيمة امام مصير وطن وشعب بات على المحك؟