المغتربون يعودون الى لبنان.. والصدمة ترافقهم

30 يوليو 2021
المغتربون يعودون الى لبنان.. والصدمة ترافقهم

كتبت صحيفة “الراي” “أحلى صيفية بلبنان”. شعارٌ يحمله اللبنانيون المغتربون في قلوبهم ويصبح المحرّك الرئيسي لخططهم مع بدء كل صيف، فيتركون البلدان التي اتخذوا فيها مقر إقامة وحياة ليهرعوا إلى الوطن الأم ويمضوا أياماً في ربوعه وسط عائلاتهم وأحبتهم.

هذا الشعار كان له وقْعٌ أقوى هذا الصيف مع اشتداد الأزمة المالية ومعاناة غالبية العائلات من تداعياتها المميتة أحياناً، فبدا المنتشرون الذين غالباً ما شكّلوا “الشريان الخفي” في “أعجوبة” الصمود اللبناني رغم كل العواصف التي ضربت الوطن الصغير، وكأنّهم “الأجنحة البديلة” لعائلاتٍ رُميت في فم الانهيار وفي قلب الجحيم بلا أي مظلّة أمان.
زَحَفَ المغتربون إلى بلدهم لمساندة أهلهم مادياً ومعنوياً، ملأوا حقائبهم بما يحتاجه ذووهم والأقرباء من أدوية وحليب ومواد لم تعد متوافرة في الأسواق.

أرادوا إنفاقَ شيء مما جمعوه في تلك البلدان البعيدة لضخ بعض الحياة في شرايين الوطن الذي يُستنزف سياسياً ومالياً حتى «الرمق الأخير» وإنعاش دورته الاقتصادية.وبعضهم أراد أن يعيش المعاناة إلى جانب أهله ليعرف مُرّ مذاقها.لكن أحداً منهم لم يكن يتخيّل ما وصلت إليه أوضاع «بلاد الأرز» فكانت الصدمة كبيرة جداً عليهم لمعاينة “بلد العيد” مزنّراً بسواد الأزمات.صدمة اللبنانيين العائدين، وإن خفّفت من هولها فرحتُهم بلقاء الأهل ومراتع الطفولة، إلا أن الواقع الذي واجههم كان أشدّ من أن يستوعبوه وأقسى مما سمعوا عنه.لكن الكثيرين من العائدين يرفضون الاعتراف بهذه الصدمة، فالوطن بالنسبة إليهم ليس فندقاً يبحثون فيه عن أفضل الخدمات بل هو الأهل والأصدقاء ومشاركة أبناء الوطن في السراء والضراء. على أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل لا يزال الأهل قادرين على استقبال المغترب العائد والترحيب به كما اعتادوا؟ هل يمكنهم مدّ السفرة له وملئها بما لذّ وطاب من «المشاوي والكبة النية والفاكهة اللبنانية الشهية» هم الذين لم يعد بإمكانهم الحصول على هذه المواد كالسابق نظرا لارتفاع أثمانها بشكل جنوني؟وهل ما زال متاحاً للعائلة اصطحاب المغترب كما كانت العادة الى أماكن اللهو والسهر هي التي يحمل أفرادُها على أكتافهم جبالاً من الهموم تمنع عنهم الفرح وتقف حاجزاً بينهم وبين التنعم بأوقات حلوة، ويرزحون تحت ضائقة مالية توجب عليهم إنفاق ما تبقى في جيوبهم بحذر بعدما احتُجز «قرشهم الأبيض» في البنوك وتُركوا فريسة «الأيام السود» تنهش واقعهم وأحلامهم؟صُدم العائدون بلا شك بالوضع النفسي لمواطنيهم وبحالة الإحباط والقرف التي يعيشونها. وتقول سيلينا، وهي طالبة تدرس في باريس: «لم أتوقع ما رأيتُ، حزنتُ لوضع أهلي في البيت رغم كوننا عائلة ميسورة، ولأحاديثهم الدائمة عن غلاء الأسعار وحجْز مدخراتهم في المصرف، وخوفهم مما هو آتٍ.رغم كل هذه الصدمات لا يزال مطار رفيق الحريري الدولي يستقبل يومياً آلاف العائدين من اللبنانيين المستعدين لتحمّل كل صعاب وطنهم لأسبوع أو أسبوعين أو شهر ومن ثم العودة الى بلدانهم واستعادة نوع آخر من الحياة صار بالنسبة للبنانيين المقيمين حلماً بعيد المنال، فيه وقود وبحبوحة وكهرباء و… راحة بال.