على قاعدة “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”، وبعدما قال في حديثه التلفزيوني، ما يجب قوله للبنانيين لطمأنتهم بالحد الادنى ، دخل الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي مدار الصمت، ومضى في العمل على انجاز المسودة الحكومية التي سيحملها الى القصر الجمهوري الاثنين لمناقشتها مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
وينطلق الرئيس ميقاتي في مقاربته الحكومية من اولوية تشكيل فريق عمل متجانس من اصحاب الاختصاص والخبرة ايضا في القطاعات الاساسية التي تستنزف المالية العامة منذ سنوات، اضافة الى وزراء يتمتعون بالصدقية والسيرة الحسنة لتسلم الحقائب التي ستكون معنية بشكل مباشر بالانتخابات النيابية المقبلة، وهي الاستحقاق الثاني الذي سيواجه الحكومة، بعد تشكيلها، بالتوازي مع الاستحقاق الاول، وهو وقف التدهور الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
كذلك يجري الرئيس المكلف سلسلة اتصالات محلية وخارجية بهدف توفير الارضية المناسبة لتشكيل حكومة توحي بالثقة، فتكون المدخل الى الدعم الخارجي للبنان وبدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي وسائر الهيئات المعنية بالمعالجات المالية.
ويبدي الرئيس المكلف ارتياحه الى الاجواء التي يلمسها حتى الان والى الدفع الفرنسي غير المسبوق لتأمين الحشد العربي والدولي المطلوب لانجاح مؤتمر باريس لدعم لبنان في الرابع من الشهر الحالي.
ويعتبر الرئيس المكلف ان الموقف الفرنسي الذي يبلغه يؤكد الاصرار على نجاح مساعي تشكيل الحكومة وتخطي العراقيل القائمة والتي قد تستجد.في المقابل، يحفل الوسط السياسي والاعلامي بكم من التسريبات والمغالطات بما يوحي وكأن البعض لا يريد حكومة، ويعمل على عرقلة تشكيلها باي ثمن، والا فما مبرر لكل هذه “الحرتقة” المترافقة مع “تعفف مصطنع” عن عدم الرغبة في المشاركة في الحكومة وعدم اعطائها الثقة، بعد الامتناع عن تسمية رئيسها.وبدا واضحا ان هذا “التذاكي” المفضوح يخفي ربما نية للابقاء على الوضع الحالي والتستر خلف الابواب والحيطان لاستراق السمع، وابقاء اللبنانيين اسرى واقع مر لم يشهدوا له مثلا في عز الازمات السابقة. وفي انتظار الفرج يمضي الناس على طريق “جلجلتهم” الموزعة مراحلها بين علاء الاسعار وانقطاع الدواء وطوابير السيارات امام محطات المحروقات، وانقطاع التيار الكهربائي “الرسمي والمؤقت” في عز موسم حر يذّكر اللبنانيين انهم فعلا في جهنم.