كاد لبنان ان ينجرّ أمس الى ما يشبه الفتنة الاهلية التي قد تؤثر على الواقع العام في البلاد، إذ ليس ثمة ما يضمن انحسارها في منطقة دون سواها وعدمتمدّدها على مساحة الوطن، ولكن الأهم من ذلك أن إشكال “خلدة” دقّ جدياً ناقوس الخطر السياسي والأمني بالتزامن مع المخاطر المعيشية والاقتصادية وغيرها من الأزمات المتراكمة.
مما لا شك فيه أن إشكال “خلدة” أضاء على التحلّل الذي يضرب أجهزة الدولة وتراجع قدرتها على ضمان الأمن والاستقرار، الأمر الذي فتح الباب أمام إجرام البعض وجرأتهم في الإقدام على ارتكاب أعمال مخلّة بالأمن، ولكن كيف إذا اتخذ هذا الأمر مناحي سياسية وعسكرية وطائفية كالتي حصلت أمس؟وفق مصادر مطلعة فإن إشكال “خلدة” هو اول خطوة في طريق التفلت الأمني، والذي حدث فجأة من دون مقدمات او معلومات وردت للأجهزة الأمنية، إذ كان التركيز في المرحلة الماضية على كيفية ضبط الانهيار الذي من شأنه أن يؤدي الى فوضى اجتماعية مدسوسة ما بين التظاهرات والتي ترمي الى افتعال اعمال شغب في بعض المناطق وذلك كردة فعل على تراجع القدرة المعيشية للمواطن.
وتقول المصادر ان حادثة “خلدة” ليست تفصيلاً في المعادلة اللبنانية، اذ انه من الممكن أن تحمل رسالة واضحة للداخل والخارج او من الداخل والخارج تفيد بأن الواقع اللبناني المهترىء يتّجه نحو الانفجار الذي لن يكون محصوراً في الإطار الاجتماعي والمعيشي بل يخرج منه نحو انفجار سياسي وأمني ما يؤدي بدوره الى تبعات سياسية كبرى. وترى المصادر أن الاسابيع المقبلة قد تشهد موجة اخرى من الاشتباكات والتي لن تكون محدودة بالضرورة ضمن خلدة بل قد تحدث في أي بقعة من لبنان وتحت أي ذريعة، سياسية طائفية عشائرية عائلية اجتماعية وغيرها وذلك بسبب عجز الدولة في مكان ما عن فرض هيبتها في ظل الانهيار الحاصل بالاضافة الى ان المجتمع بات مهيّئاً للاختراقات الخارجية الامنية والاستخباراتية، وبالتالي يمكن تكرار ما حصل ما بين منطقة واخرى بهدف الضغط في السياسة على أي من الأطراف اللبنانية.وأمام كل ما تقدّم، من الواضح أن البلد بات مستباحاً بشكل كامل، ليس امام التدخل الخارجي وحسب انما أمام طوابير الجوع والعوز والذل بالإضافة الى الانفلات الامني الشامل الذي لم يكن أحد ليتوقعه. ولكن ماذا إذا استشعرت بعض القوى السياسية مصلحة من ذلك لشدّ العصب الشعبي قبل موعد الانتخابات النيابية في ظل هذا التراخي اللاارادي في الاجهزة الامنية؟ الى أين سيتّجه لبنان؟