انتكاسة أمنية خطيرة.. هل “يسرّع” تطويق “فتنة” خلدة تشكيل الحكومة؟

2 أغسطس 2021
انتكاسة أمنية خطيرة.. هل “يسرّع” تطويق “فتنة” خلدة تشكيل الحكومة؟

فيما كانت الأنظار مشدودة نحو اللقاء الرابع المرتقب اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، والذي تتفاوت أجواؤه وفقًا للتسريبات، بين إيجابية حذرة، وسلبيّة بالمُطلَق، تصدّر الوضع الأمني واجهة الأحداث، من خلال الاشتباكات المسلحة التي شهدتها منطقة خلدة بين أنصار حزب الله والعشائر العربية.

يقول المحسوبون على “حزب الله” إنّ ما حصل كان “كمينًا مُحكمًا” استهدف موكب مشيّعين من أنصاره، بعيد الجريمة المروّعة خلال حفل زفاف في أحد مسابح الجية، والتي صُنِّفت في خانة “العملية الثأرية”، ووُضِعت في إطار “الانتقام” من حادثة تعود إلى آب 2020، حين قُتِل حسن غصن، وهو من أبناء عشائر عرب خلدة، على خلفية اشتباكات مسلحة دارت في المنطقة، تتعدّد الروايات بشأن سببها الأساسيّ الحقيقيّ.

يرى البعض أنّ المشكلة الفعلية أنّ ذيول هذه الحادثة لم تُعالَج كما يجب، بعدما فشلت المبادرات والوساطات، رغم أنّ بعض أقرباء غصن أبلغوا الجميع صراحةً نيّتهم “الأخذ بالثأر”، إلا أنّ هناك من يعتبر الحديث عن “ثأر” تبسيطًا للقصّة، فما حصل كان مدبَّرًا، وإلا لتمّ الاكتفاء بجريمة الجية، من دون الحاجة إلى “كمين” خلدة، الذي تربّص بالمشيّعين، الذين سقط بينهم قتلى وجرحى، وكاد يوقظ “الفتنة” النائمة، إن لم يفعل.مؤشّر خطيرفي مُطلَق الأحوال، فإنّ ما حصل قد حصل، إلا أنّه لا ينبغي التعامل معه كأنّه لم يكُن، أو القفز فوقه بكلّ بساطة، لأنّ هذا بالتحديد قد يكون سبب تطوّر الأمور بصورة دراماتيكية في الساعات الأخيرة، وصولاً لحدّ تلويح بعض الجمهور “المنفعل” بـ”7 أيار” جديد، إذ يؤكد كثيرون أنّه لو تمّ فعلاً علاج ذيول اشتباكات آب 2020، وبصورة جدّية، لما حصل الانفلات الأمنيّ الأخيرة، ولا وقعت جريمة خلدة من الأساس.لذلك، ثمّة من “يتوجّس” أن يكون لاشتباكات خلدة “تتمّة” في الأيام المقبلة، في ضوء معلوماتٍ تتحدّث عن “استنفار”، أظهره “حزب الله” خصوصًا، الذي تقول بعض الأوساط، إنّه عمل على خطّين متوازيَين، بين محاولة “تهدئة” جمهوره، وهو ما دفعه إلى “رفع السقف” إعلاميًا، من خلال تصريحات النائب حسن فضل الله “الصارمة”، وفي الوقت نفسه، “السيطرة” على الوضع، وعدم ترك الأمور تتطور، لأنّ “لا مصلحة” في ذلك في الظرف الراهن.وإذا كانت أحداث خلدة دفعت القيادات السياسية إلى التحرّك، وبينهم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي طالب بـ”ضبط النفس”، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي عرض الوساطة، فإنّ هناك من يقول إنّ “حزب الله” أوصل رسالة للمعنيّين، بأنّ “لفلفة” القضية لن تكون واردة، وإنّه سلّم لائحة بأسماء “مطلقي النار” لا بدّ من توقيفهم، بعيدًا عن أيّ ضغوطات أو تدخّلات، مع مطالب واضحة أولها “فتح” طريق الجنوب بصورة نهائيّة.انهيار وفتنة!عمومًا، وبمُعزَلٍ عن المسار الذي ستسلكه الأمور في الأيام المقبلة، فإنّ الأكيد، وفق ما يرى العارفون، أنّها قرعت “جرس إنذار” جديد، حول الوضع “الكارثي” الذي تشهده البلاد، إذ إنّه لم يكن ينقص اللبنانيين الذين يئنّون من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، وما يمرّ به الوطن من انهيار شامل على كلّ المستويات، سوى أن تحصل انتكاسة أمنية كالتي وقعت، أو أن تطلّ “الفتنة” برأسها، لتهدّد السلم الأهلي بكلّ ما للكلمة من معنى.استنادًا من ذلك، يرى كثيرون أنّ مبدأ “تطويق الفتنة” يجب أن يتصدّر “أجندة” المعنيّين بمسألة تشكيل الحكومة، بعيدًا عن الأجواء السلبيّة التي تمّ الترويج لها في اليومين الماضيين، لجهة التمسّك بمبدأ “المحاصصة”، والتمترس خلف “شروط” الحصول على هذه الحقيبة أو تلك، وهو ما وصل بأحد مستشاري رئيس الجمهورية إلى التلويح بـ”تطيير” الرئيس المكلّف، تمامًا كما حصل مع “سلفه” الرئيس سعد الحريري.فإذا كان الرئيس ميقاتي لا يزال يتمسّك بـ”تفاؤله”، ويحصر تعامله مع رئيس الجمهورية نفسه، الذي يبدي كلّ “انفتاح” على التعاون معه، بعيدًا عن أقوال المستشارين والمقرّبين والمحازبين، فإنّ الأكيد أنّ المطلوب أن يتسلّح الجميع بـ”ذهنيّة انفتاحيّة” لا تقفز على النقاط الخلافيّة، ولكن تتعامل معها وفق منطق الرغبة بالحلّ، لأنّ “البديل” لن يكون سوى الانهيار والفوضى والجنون، وربما الفتنة، وهذا أبغض الأمور وأكثرها خطورة.رغم أنّ لا “رابط” مباشرًا، على الأرجح، بين أحداث خلدة وملفّ تشكيل الحكومة، فإنّ ما حصل ينبغي أن “يسرّع” تشكيل الحكومة، لأنّ غيابها لا يشرّع إلا “الفوضى”، فوضى تفتح البلاد أمام سيناريوهات مجهولة بالجملة، تتقاطع بمجملها عند خطورة وحساسيّة كبيرتين، قد لا يكون تجاهلهما “ورقة رابحة” لأحد، وفق ما أثبتت التجربة!.