“قوة دفع” اميركية للعقوبات الاوروبية… فهل تنفع؟!

3 أغسطس 2021
“قوة دفع” اميركية للعقوبات الاوروبية… فهل تنفع؟!

كتب جورج شاهين في “الجمهورية”على المستوى الأميركي، فقد سارعت الإدارة الاميركية الى ملاقاة قرار الإتحاد بخطوات مماثلة، عندما أُعلن في اليوم التالي من واشنطن عن سلسلة خطوات لزيادة الضغوط على المسؤولين اللبنانيين، ولو بلغة مغايرة، ولكنها تلتقي على النتائج عينها. فالحديث عن دفعة جديدة من العقوبات الاميركية تلا ترحيباً من واشنطن بما سمّته “تبنّي الاتحاد الأوروبي نظام العقوبات الجديد لتعزيز المساءلة والإصلاح في لبنان”. وهو ما اشار اليه بيان مشترك، من النادر ان يصدر عن وزيرين يجمعان المهمات والصفات الديبلوماسية والعقوبات المالية، هما وزيرا الخارجية أنتوني بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين.

وقال البيان الوزاري الاميركي المشترك، إنّ العقوبات التي تراها واشنطن ناجحة هي التي تهدف من بين أمور أخرى، إلى “فرض تغييرات في السلوك وتعزيز مساءلة المسؤولين اللبنانيين والقادة الفاسدين الذين شاركوا في سلوك خبيث”. كذلك رحّب باستخدام الاتحاد الأوروبي “هذه الأداة القوية لتعزيز المساءلة على نطاق عالمي”. قبل ان يؤكّدا انّ بلادهما “تتطلع للتعاون مع الاتحاد في المستقبل ضمن جهودهما المشتركة”.
ولا يتجاهل المراقبون أهمية ان تتوحّد القراءتان الفرنسية والأميركية في توصيفهما لمعاناة اللبنانيين، فأكّد البيان الأميركي أنّه “مع تزايد أعداد اللبنانيين الذين يعانون بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، من الأهمية بمكان أن يستجيب القادة اللبنانيون لدعوات شعبهم المتكرّرة، لوضع حدّ للفساد المستشري وتقاعس الحكومة عن العمل، وتشكيل حكومة قادرة على الشروع في الإصلاحات الحاسمة لمعالجة الوضع المتردّي في البلاد”. وجاء هذا التأكيد متلازماً مع إشارة اميركية الى أزمة القطاع المصرفي والمالي، طالباً “اعتماد تشريعات شفافة وغير تمييزية في شأن تحويل الأموال” إلى الخارج، في إشارة الى فهمهم العميق لعدم اصدار قانون “الكابيتال كونترول” بسبب تورط مسؤولين من مختلف القطاعات السياسية والمالية اللبنانية في نقل أموالهم الى الخارج، ما عجّل من تفاقم الأزمة المالية وفقدان العملة الورقية الأجنبية من السوق اللبناني.

وبالإضافة إلى هذا التلاقي في النظرتين الاميركية والفرنسية حول الوضع في لبنان، يجدر التوقف عند ربط كل هذه الخطوات بمساعي تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة. وهو ما شدّدت عليه المتحدثة بإسم الخارجية الفرنسية أنياس فون درمول، التي كشفت أنّ بلادها “مستعدة لزيادة الضغط مع شركائها الأوروبيين والدوليين على المسؤولين السياسيين اللبنانيين لتسريع تشكيل الحكومة”. لافتة الى انّ الحكومة المطلوبة يجب ان “تعمل بأقصى طاقتها لإطلاق الإصلاحات التي يتطلبها الوضع، والتي تشكّل شرطاً لأي مساعدة بنيوية وفقاً للاولوية المطلوبة”. مع الإشارة الدائمة الى ضرورة “تلبية حاجات اللبنانيين الذين يتدهور وضعهم كل يوم، في إطار مساعدات إنسانية يقدّمها المجتمع الدولي مباشرة إلى اللبنانيين، من دون المرور بالمؤسسات الرسمية”.
وبناءً على ما تقدّم، لا يمكن الفصل في هذه الساعات التي فصلت بين اجتماع الأمس في بعبدا و”مؤتمر 4 آب” غداً، وما سيرافقه من تحرك على مستوى الوطن، وما يمكن ان تقود اليه مساعي تأليف الحكومة، وسط اعتقاد يسود أوساط “المعرقلين” على خلفية انّهم لا “يهابون العقوبات”، وانّ بعضهم بات يرغب في ان يضيف سطوراً الى “سيرته الذاتية” عمّا تعرّض له من عقوبات ترفع من شأنه امام قادة محور الممانعة. وفي حال سقوط هذه النظرية، على اللبنانيين ان يتوقعوا خطوات ايجابية تقود الى تجاوز بعض العِقَد الشخصية حول هذه الحقيبة او تلك، سعياً الى تشكيل “حكومة مهمّة” تحاكي المبادرة الفرنسية، وهو أمر ليس سهلاً على الإطلاق.

المصدر:
الجمهورية