يحمل الاقتحام الاسرائيلي لعمق المشهد اللبناني رسائل ممتدة من بحر بيروت حتى شواطئ عُمان بما يعني ربط أزمات لبنان بصراع إقليمي متعدد الوجوه وسط مخاطرة شديدة ويكبد اللبنانيين خسائر لا قدرة لهم على احتمال اثمانها.
فعلى رقعة الشطرنج تقدم إيران بيادقها في المضائق البحرية، كما في الممرات البرية ،التي تربط عمق مشروعها الاستراتيجي بفرض نفسها دولة تستمد نفوذها من صراع تاريخي سحيق وتمتد خارج إطار ها الجغرافي الضيق.
فليس من باب الصدف، تشدد المشروع الايراني في فرض شروطه برفع العقوبات الاقتصادية وحصر التفاوض مع واشنطن بالبرنامج النووي دون الاستعداد لمناقشة الانفلاش الحاصل، الأمر الذي لا يمكن للغرب التسليم بنتائجه، وهذا ما يزيد من حدة المواجهة حصارا وعقوبات وحروبا مشتعلة في المحيط.
في ظل هذه الاجواء التي توحي بعواصف هوجاء في المدى المنظور ، من البديهي وجود فرصة سانحة أمام الاسرائليين لمعاودة الأنشطة العسكرية في سوريا كما في لبنان طالما ام القاسم المشترك يكمن بتطويق ومحاصرة حزب الله وهو هدف يغري القيادة الاسرائيلية للمضي قدما في قطع أوصال الإمدادات المتنوعة من جهة ، وتسديد ضربات مباشرة طال انتظارها في الخاصرة الرخوة حيث بات لبنان في اضعف حالاته .
كل المخاطر المحدقة في كفة وإنكار معظم المسؤولين اللبنانيين لحقيقة الجحيم الذي يعيشه الشعب اللبناني في كفة أخرى، ففي ظل الانسداد الكامل للحلول وحالة التصلب التي لا مثيل لها في التاريخ ، من المؤكد بأن المصير هو الارتطام الكبير وانهيار الهيكل فوق رؤوس الجميع.
لا يمكن الحديث عن تحصين الوضع الداخلي في ظل الخطر الاسرائيلي الا في إطار الخطابات الجوفاء، فاضعف الإيمان الإسراع في تشكيل حكومة تعمل على تخفيف سرعة التدحرج نحو الهاوية والحفاظ على ما تبقى من كيان ودولة.
في ظل هذه الوقائع والمستجدات ، يبدي قطب سياسي تشاؤما في إيجاد قواسم مشتركة تفتح باب الحلول والمباشرة بمعالجة الوضع المأساوي ، فالاستحقاق الأقرب يكمن بتشكيل حكومة ، اما التحديات الكبرى فتتجسد في تحييد لبنان عن الاشتباكات الاقليمية و الدولية و هي ليست بالأمر اليسير راهنا.