من الواضح ان المجتمع الدولي وعلى رأسهم فرنسا والاتحاد الاوروبي ما زالوا على اصرارهم وتأكيدهم على ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة في لبنان نظرا لحالة الاهتراء التي حلت به و”التي يراهن عليها المسؤولون اللبنانيون” على حد تعبير الرئيس الفرنسي فرنسوا ماكرون الذي تلاها في المؤتمر الذي نظمه لدعم الشعب اللبناني بالتعاون مع الامم المتحدة ، حيث وجه اتهاما مباشرا وواضحا الى المسؤولين اللبنانيين عما آلت اليه الأوضاع في لبنان ساحباً عنهم الثقة الدولية رافعا بطاقة العقوبات الحمراء التي يبدو انها لن تكون برداً وسلاماً على مروحة واسعة من الحاشية السياسية، كما ربما لن تكون الاخيرة والاشد سيما في وجه المعرقلين.
على ذلك بدا لافتاً دعوة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لحضور مؤتمر الدعم، وايضا كلمة رئيس الاتحاد الاوروبي “شارل ميشال” الذي اشار فيها الى تكليف الرئيس ميقاتي تشكيل الحكومة وانه بعد تكليفه حان وقت تشكيل حكومة تستطيع اجراء الاصلاحات التي يحتاجها لبنان، هذا بالاضافة الى تحية المشاركين في المؤتمر لتكليفه.هذا كله، لاشك يعطي مؤشرا الى الثقة الدولية بشخص الرئيس المكلف وبالاحاطة الدولية التي ستحظاها الحكومة في حال تم تشكيلها، وهذا بالطبع ينسحب على باقي الدول المشاركة التي، وان لم يبد بعضها موقفا واضحا حيال ما يجري في لبنان، الا انه بمجرد مشاركتها في المؤتمر هذا يؤكد على انها لا تعارض فرنسا بما تمثل في مواقفها وخطواتها حيال لبنان.
بالطبع خلاصة ما وصل اليه مؤتمر دعم الشعب اللبناني انه وضع خارطة طريق واضحة على المسؤولين اللبنانيين الالتزام بتنفيذها وتتلخص بأن الحل الوحيد في الوضع الراهن لوقف الانهيار في لبنان هو الاسراع في تشكيل حكومة والبدء بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة في هذا الاطار ،وايضا اجراء الانتخابات النيابية في موعدها. اما فيما يتعلق بالقروض الدولية المتوقع حصول لبنان عليها، فلناحية قرض البنك الدولي البالغ 246 مليون دولار المخصص لدعم شبكة الامان الاجتماعية الذي وافق البنك الدولي على منحه مؤخرا الى لبنان فسيتم صرفه بطريقة شفافة وتحت المراقبة الدولية، الامر عينه في ما يتعلق بحصة لبنان من احتياطات حقوق السحب الخاصة له من صندوق النقد الدولي والبالغة قيمتها 860 مليون دولار، فهي وفق ما اشار الرئيس الفرنسي ماكرون، ستتم بتوجيهات واشراف مجموعة الدول السبع ومجموعة الدول العشرين، على ما يحمل ذلك من دلالات ومؤشرات على ان هذه الاموال لن تصرف على اهواء القوى السياسية وانما سيجري وضع آلية صرف واضحة لها خاضعة للرقابة الدولية ومن خارج اطار عمل البنك المركزي اللبناني، بهدف اوضح، وهو عدم استخدامها “كرشاوة انتخابية” على ابواب الانتخابات النيابية. وهذا ربما ما يفسر ما اشار له ماكرون في كلمته لناحية انه “لن يكون هناك شيك على بياض للنظام السياسي اللبناني. لانهم فشلوا منذ بداية الأزمة وحتى من قبلها”.