حبّي لهم يساوي حب الأم الحقيقية

6 أغسطس 2021
حبّي لهم يساوي حب الأم الحقيقية

منذ عام، تصدرت صورة الممرضة باميلا زينون وهي تحتضن ثلاثة اطفال حديثي الولادة، وتهرع بهم خارج مستشفى القديس جاورجيوس، الذي دمره انفجار مرفأ بيروت، وحوله بدقائق معدودة الى ساحة معركة، لا صوت يعلو فيها على اصوات الاستغاثة، ولا رائحة تفوح منها سوى رائحة الموت والدماء.

لم تكن باميلا تعلم اي شيء عن الاطفال، لا من اي جنسية هم، ولا من اي دين ومنطقة، حملتهم بروح المهنية المتجسدة في ضمير ووجدان شابة، ابت الا ان تتحدى الخوف وتصارع الاستسلام وتجابه المخاطر، لإنقاذ حياة الأطفال الأبرياء.بعد مرور سنة كاملة على انفجار العصر، عادت «الأنباء» والتقت ملاك الرحمة باميلا زينون، التي أكدت في حديث معها، انها لم تكن تنتظر يوم الرابع من أغسطس 2021، لتستعيد ذكرى الانفجار وصوره الأليمة، لأن تداعياته على المستويين النفسي والعملي، كانت ومازالت حتى اللحظة، تحصد ما زرعته أيادي الموت والدمار، خصوصا أن القلق على مصير لبنان، نصب نفسه رفيقا حاضرا دائما في عقلها وذهنها، على امل ان يتبدد هذا الخوف مع وصول التحقيقات الى الكشف عن حقيقة ما حصل، ولماذا حصل، ولصالح من حصل.

تسكت باميلا لهنيهة، ثم تبتسم وتقول: «الثمرة الوحيدة التي قطفتها من ذكرى ذلك اليوم المشؤوم، هو ان الأطفال الثلاثة كبروا سنة، وهم اليوم بصحة جيدة، ولا يمكن لأحد أن يثمن حجم سعادتي لحظة احضنتهم وحملتهم من جديد، مع فارق بسيط، ان اوزانهم تضاعفت عما كانت عليه في اليوم الثاني من قدومهم الى الحياة قبل عام، شعرت ان حبي لهم يتساوى مع حب الأم الحقيقية، وان لهم في قلبي مكانة خاصة بالتوازي مع مكانة عائلتي، لم اكن اعلم في بداية الأمر انهم من غير ديني، ومن الطائفة الشيعية الكريمة، والحق الحق اقول، ان العبرة التي اختبرتها في هذه التجربة على مرارة تفاصيلها، عبرة بحجم أوطان وأمم، وهي انه لا فرق بين مسلم ومسيحي في بيدر الانسانية الصادقة».وان سألتها عن مقاربة تفصيلية لمعنى هذا الحب الصادق والكبير لأطفال من غير بيئتها، تعود باميلا الى لغة السكوت ولو للحظات قليلة، فتتنهد بعدها استعدادا لتوجيه رسالة الى الاحزاب الطائفية التي كانت سبب خراب لبنان وانهياره، فتقول: «انظروا الى قصتي وتمعنوا بتفاصيلها، وخذوا منها الحكم والعبر، وكل ما يؤمن حق هذا البلد المريض، بأن يكون متعافيا من ورم العصبيات الطائفية والمذهبية، الشعب اللبناني طيب وكريم، ويستحق العيش بكرامة يدا بيد وجنبا الى جنب مسلمين ومسيحيين».