كتب محمد شقير في “الشرق الاوسط”: كشف مصدر مقرب من رؤساء الحكومات السابقين أن العائق الوحيد الذي يمنع الانتقال بمشاورات تأليف الحكومة بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون من المراوحة إلى البحث في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف يكمن في أن عون يصر على أن تكون له الحصة الكبرى .
وأكد المصدر، لـ«الشرق الأوسط»، أن عون يصر على أن تكون وزارات الداخلية والتربية والشؤون الاجتماعية والاقتصاد والتجارة من حصته، وهذا ما لاقى اعتراضاً من ميقاتي، ليس لأن عون يتصرف حيناً وكأنه هو من يشكل الحكومة وأحياناً يترك المهمة للرئيس المكلف، وإنما لأن هكذا حكومة وإن كانت ترضي بعض الأطراف السياسية فإنها لن ترضي حتماً اللبنانيين، وعلى رأسهم المجموعات المنتفضة ضد الطبقة السياسية، ومن خلالهم المجتمع الدولي. كما لن تكون قادرة على استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان، وستدخل معه في اشتباك سياسي على غرار الاشتباك الحاصل اليوم، وقال إن عون يتمسك بتطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب بدءاً بالسيادية منها ليس من زاوية الإصرار عليها وإنما لمقايضة موافقته على أن تبقى وزارة المالية من الحصة الشيعية بانتزاع موافقة ميقاتي على أن تُعطى الداخلية لوزير مسيحي.
وعزا السبب إلى أن عون كان أول مَن وافق على أن تبقى وزارة المالية ضمن الحصة الشيعية، وهذا ما أدرجه في اللائحة التي أعدّها، والخاصة بتوزيع الحقائب، وسلمها في حينه إلى الرئيس المكلف سعد الحريري خلال مشاورات التأليف بينهما، وقال المصدر نفسه إن عون اقترح على ميقاتي أن يتواصل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، طلباً لتطبيق المداورة في توزيع الحقائب ومنها السيادية، لكن ميقاتي رفض ذلك لتفويت الفرصة على إقحامه في اشتباك سياسي مع الشيعة، ناصحاً إياه بأن يتولى شخصياً هذه المهمة.
وإذ كشف أن ميقاتي التقى، الاثنين الماضي، الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وتواصلوا مع الرئيس الحريري الموجود خارج البلاد، أكد أن اللقاء خُصص لتقويم ما آلت إليه مشاورات التأليف التي لم تحقق أي تقدم يفتح ثغرة يمكن التأسيس عليها، خصوصاً أن عون يتعاطى مع توزيع الحقائب من زاوية تأمين رافعة انتخابية لباسيل ليكون في وسعه أن يبقى على لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية.
وقال إن إصرار عون على «الداخلية» قوبل باعتراض ميقاتي على خلفية أنها ليست ملكاً له تتيح له التنازل عنها، خصوصاً أن إسنادها إلى وزير يسميه عون يلقى معارضة واسعة لا تقتصر على رؤساء الحكومات، وإنما لعدم موافقة الذين تشاور معهم بأن تُعطى هذه الحقيبة له لأن هناك ضرورة لأن تُسند إلى شخصية مستقلة للدور الموكل للداخلية في الإشراف على إجراء الانتخابات النيابية.
ورأى المصدر نفسه أن لإصرار عون على الداخلية بالتلازم مع تسميته لوزيري التربية والشؤون الاجتماعية خلفية انتخابية بامتياز لما لهاتين الوزارتين من دور في توفير الخدمات وتوزيع المساعدات التي تقدمها الدول المانحة في حال أن الحكومة ستحظى بمباركة من المجتمع الدولي، إضافة لما للداخلية من دور في الضغط على البلديات وتهديدها بفتح الملفات ما لم تقرر الاصطفاف خلف «التيار الوطني».
لذلك فإن مجرد إعطاء هذه الوزارات لعون بالإنابة عن باسيل يعني أنها ستتحول إلى مكاتب انتخابية، وهذا ما يلقى اعتراضاً من الدول المانحة في ضوء رهان معظمها وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على أن تفتح الانتخابات النيابية الباب أمام إعادة تكوين السلطة مع تقديرها لتراجع الطبقة السياسية.