أسئلة تُطرح؟ ولكن لا نتوقع إجابة واضحة عنها.
لمصلحة مَنْ تعود الأيدي الخفية من جديد لتوتير الجنوب؟
بالطبع، ولكي لا يُفهم كلامنا على غير مقصده، نسارع إلى القول أن من مصلحة إسرائيل في الدرجة الأولى ألا يكون في لبنان إستقرار، وألا تتشكل فيه حكومة، وألا تُعرف الحقيقة الكاملة في انفجار 4 آب، وأن يبقى الوضع الإقتصادي والمالي على ما هو عليه من تدهور، وألا يصطلح حال اللبنانيين ويبقى الإنقسام هو السائد والسيد على الساحة السياسية، وألا يعود لبنان إلى خارطة الإهتمام الدولي، وألا تؤدي مؤتمرات الدعم المخصصة للبنان مفعولها وتبقى من دون ذي جدوى.
ولكن وفي المقابل، هل أن إطلاق “الكاتيوشيا” من جنوب لبنان تحت نظر “حزب الله”، الذي له الكلمة الأولى والأخيرة هناك، وتحت نظر قوات “اليونيفل”، وفي هذا الوقت بالذات، يخدم مصلحة لبنان ويخدم التحقيقات الجارية لمعرفة حقيقة النيترات أمونيوم، وهل يصب هذا التوتير في مصلحة تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن لبدء إخراج لبنان من أزماته؟
أسئلة قد تكون بريئة في ظاهرها، ولكنها في الوقت نفسه تعكس واقعًا غير مستحب، إذ أن ثمة جهات لا تزال غير معروفة، ومطلوب كشفها وفضح نواياها، تتقاطع مصالحها مع مصالح إسرائيل، وإن كانت لا تدري ذلك، ومن غير إتهامها بما لا دليل حسّيًا على هذا التقاطع.
نفهم تمامًا أن من مصلحة العدو الذي يتربص بنا شرًّا في كل لحظة وعند كل إستحقاق ومفترق طرق أن يبقي الوضع في لبنان على ما هو عليه، ونفهم أيضًا أنه لا يريد أن تكون للبنان قيامة، وأن تكون مرافئه البحرية البديل الطبيعي لمرفأ بيروت بعد عملية التطبيع، ونفهم أكثر أن هذا العدو غير بريء مما يُتهم به، وأنه هو الذي يقف وراء أي محاولة لتعكير صفو الأمن والاستقرار على الساحة اللبنانية، ولكن ما لا يمكن فهمه هو أن هناك من لا يزال يقدّم لهذا العدو الغاشم، وعلى طبق من فضة، الخدمة تلو الأخرى، ويعطيه الذرائع، التي لا يحتاج إليها بالطبع، لتنفيذ بنك أهدافه في لبنان من خلال الساحة الجنوبية.
بيان قوات “اليونيفيل” وصف ما جرى في الجنوب بأنه خطير جدًا، وهو ما تبّلغته الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول المعنية بإستقرار الوضع في لبنان، والتي قال مسؤولوها منذ يومين، في مؤتمر دعم لبنان الذي دعت إليه فرنسا، ما لم يقله المسؤولون اللبنانيون أنفسهم. فهل من مصلحتنا في شيء أن ينجرّ لبنان إلى حيث تريد إسرائيل وتخطّط له، وأن نعطيها الذرائع لكي تدخل على الخط وتعيد خلط الأوراق؟
“حزب الله” قام بواجبه بردّه على الإعتدءات الإسرائيلية. وهذا الردّ تضمّن رسائل لكل من الداخل الإسرائيلي بأن إعتداءاته المتكررة ستواجه بالمثل، وإلى الداخل اللبناني، الذي بدأ بعض منه التشكيك بقدرة الحزب على الردّ، وإلى الدول التي لا تزال تساند إسرائيل في إعتداءاتها سواء في غزة أو في جنوب لبنان، ومفاد هذه الرسائل أن “حزب الله” بكل ما يملك من إمكانات مستعد لمواجهة مخططات تلك الدول، وهذا ما سيتطرق إليه اليوم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، حيث يُتوقع أن تكون لهجته مرتفعة السقف ضد إسرائيل والدول التي تساندها.
فهل هناك من حاول توريط “حزب الله” لكي يردّ على الغارات الإسرائيلية، أم أن كل ما حصل مخطط له ومدروس؟
ويبقى الهمّ الأساسي والرئيسي أن تشكيل الحكومة اليوم قد أصبح أكثر من ضروري لكي يكون هناك سلطة تتحمّل المسؤولية، ويكون في يدها مرجعية القرار ، مع إعطاء دور أكبر للجيش في الحفاظ على أمن الحدود كما على الأمن الداخلي.