إستنادًا إلى آخر الإحصاءات التي أجرتها إحدى المؤسسات المعروفة بدقة عملها، تبيّن أن شعبية “التيار الوطني الحر” في أكثر من منطقة تحتاج إلى نفس جديد، وخاصة في منطقة البترون، معقل النائب جبران باسيل، وذلك نتيجة عدّة معطيات، ومن بينها أن الذين لا يزالون يراهنون على “العهد القوي” لتحقيق إنجازات مهمّة يأملون تحقيق ما لم يتحقق حتى الآن، وتحويل الإحباطات إلى حوافز جديدة، الأمر الذي قد يؤثر إيجابًا على هذه الشعبية، وقد فضّل مَنْ وراءها الإنكفاء وإعادة النظر بخياراتهم القديمة، بحيث بات الحديث عن إمكانية إنعكاس هذه الحالة الجديدة على نتائج الإنتخابات النيابية المقبلة، وبالأخصّ في منطقة البترون، على اساس القانون النسبي الحالي، بعد الإتهامات بأنه خيط على قياس النائب جبران باسيل.
وفي رأي بعض المختصّين في العملية الإنتخابية فإن قانون العام 2018، الذي حصر الصوت التفضيلي بالقضاء، ساعد كثيرًا في ترجيح كفّة الكثيرين ممن هم داخل الندوة البرلمانية. فحتى مع هذا القانون ومع حصرية الصوت التفضيلي فإن وضع البعض من الناحية الشعبية والإنتخابية في عقر دارهم لا يشجّع كثيرًا، ولا يدعو إلى التفاؤل كثيرًا، وهذا ما يقضّ مضجع هذا البعض، وكذلك هو مدعاة قلق بالنسبة إلى البعض الآخر، خصوصًا أن الإنتخابات الرئاسية ستجري مبدئيًا بعد الإنتخابات النيابية، وبعد إحتراق أوراق عدد من المرشحين المعتبرين طبيعيًا مؤهلين لهذا المنصب، خارجيًا وداخليًا.
من هنا يُفهم الإصرار على أن تكون حقيبتا الداخلية والعدلية من حصّة هذا الفريق أو ذاك الطرف، خصوصًا أن هاتين الوزارتين هما وزارتان إنتخابيتان بإمتياز، وذلك بإعتراف الجميع، إذ أن بقدرة وزير الداخلية، الذي هو أيضًا وزير البلديات، أن يؤّثر على منحى الإنتخابات بألف طريقة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى وزير العدل. فإذا لم يضمن هذا الفريق أو ذاك الطرف حصوله على تلك الحقيبتين فإن مستقبل البعض السياسي سيكون على المحك، علمًا أن كثيرين يربطون هذا الأمر، بإستمرار الإشراف الروحي للرئيس عون على وضعية “التيار”، أو بالأصح وضعية “الحالة العونية”، تمامًا كما حصل مع حالتين مسيحيتين سابقتين، وهما حالاتا “الشمعونية”و “الأدّوية”، إذ يتذكّر جميع المتعاطين بالسياسة كيف تراجعت الشعبية “الشمعونية” بعد رحيل الرئيس كميل شمعون، بعدما كان لحزب “الوطنيين الأحرار” أكثرية النواب من مختلف الطوائف، ومن بينهم كاظم الخليل ومحمود عمار وبشير الأعور، وذلك في خضم الصراع الشمعوني – الجنبلاطي في الشوف.
ولأن الرئيس عون أصرّ على هاتين الحقيبتين ولم يتراجع عنهما على رغم المحاولات المتكررة من قبل الرئيس سعد الحريري، فإن الرئيس المكّلف نجيب ميقاتي يتصرف مع هذا الواقع بحذر شديد وبحكمة متناهية، وهو يسعى بكل الوسائل والإمكانات المتاحة إلى قناع رئيس الجمهورية بترك القديم على قدمه.
وهذا الحرص من قبل الرئيس ميقاتي يأتي بعد ستة إجتماعات كان فيها الرئيس المكّلف إيجابيًا إلى أقصى الحدود، وقد لمس من الرئيس عون إيجابية نسبية.