لولا وجود مقاومة قوية لكان لبنان مجرد مستعمرة

9 أغسطس 2021

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة شهر محرم الحرام ورأس السنة الهجرية لهذا العام من مكتبه في دار الإفتاء الجعفري. وقال فيها: “دعوتنا لتسهيل تأليف الحكومة، وانطلاق الدولة بما يقتضيه الواقع والمنطق، فالأمور وصلت إلى خط اللارجعة، خط إذا تجاوزناه خسرنا الوطن والهوية، دعوتنا لحكومة عيش مشترك تضع حدا للفراغ القاتل، وتعمل على وأد الفتنة، ومنع الفساد والاضطهاد والاحتكار ومحارق الأسعار ولعبة الدولار، ورفع الظلم عن كاهل ناسنا وشعبنا ومشروع دولتنا. فحق شعبنا في العيش بعزة وكرامة وعدالة هو حق مقدس، ومن يشكل جزءا من سياسة مالية أو نقدية أو تجارية أو سياسية أو إعلامية أو أمنية تساهم بخراب البلد فهو خائن لله ولوطنه ولناسه. لهذا نقول: لا للاستسلام السياسي، لا للفتنة الطائفية، لا للحرب الأهلية، لا لمزيد من الانهيار والسقوط، لا للعراقيل ولا للتعطيل ولا لاستعمال الشعارات الفارغة، ولا للتذرع بحقوق هذه الطائفة أو تلك، فلبنان مهدد بالزوال، والخناجر المسمومة تحيطه من كل جانب، فضلا عن أن الأزمة أزمة نظام مهترىء، وحقوق اللبنانيين ليست بوزارة من هنا أو وزارة من هناك، إنما هي بقيام دولة المؤسسات، دولة الأمن المجتمعي، دولة لا زبائنية فيها، ولا طائفية”.

وتابع: “أما قرار السلم والحرب فهو قرار وطن، قبل أن يكون قرار حكومة، وقرار سيادة واستقلال، قبل أن يكون عدد كراس في مجلس وزراء منقسم على نفسه، ولا يملك إمكان مواجهة إسرائيل، لذلك كانت الحكومات المتعاقبة تكتفي بإصدار بيان أو بشجب عدوان، ثم تبكي على جنائز شعبها، لأن هذا أكثر ما تستطيعه أمام عدو غاشم، وهو ما حذر منه فيما مضى الإمام السيد موسى الصدر، وأكدته القوى الوطنية ولا سيما حركة أمل وحزب الله الذين انخرطوا بمعركة إنقاذ الوطن واستعادة الدولة وتحرير البلد وانتزاع السيادة والاستقلال من مخالب وأنياب الإسرائيلي المحتل، وتحقق ذلك بفعل المقاومة، وليس بالبكاء على أطلال مجلس الأمن، ولا بالمؤامرات الدولية، ولا بادعاء الحياد، ولا ببيانات مجلس الوزراء. وما جرى في ثكنة مرجعيون العام 2006 خير دليل، رغم الوجع. على أن الذي يقرر السلم والحرب طيلة سنوات مضت، هي تل أبيب وليس لبنان أو المحيط، وما قامت به المقاومة هو الوقوف في وجه وحشية تل أبيب بخصوص قرار السلم والحرب، ووضع لبنان على سكة دولة قوية مرهوبة الجانب بسبب ترسانة المقاومة، وقدراتها النوعية التي وضعت تل أبيب تحت خط النار”.

وقال: “لذلك، ولأن قرار السلم والحرب منوط بتحرير لبنان وحماية سيادته وتأمين مصالحه واستقلاله، كان هذا سبب وجود المقاومة، وسبب استمرارها، وبخاصة أن هناك من يمنع تسليح الجيش لصالح تل أبيب وهيمنتها في المنطقة، ولن يكون الجيش لا اليوم ولا غدا إلا شريكا للمقاومة، لأن وظيفة الجيش حماية لبنان وضمان سيادته واستقلاله ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وهو بشراكته للمقاومة يقوم بهذه الوظيفة. وهنا أحب أن أؤكد وأقول: إن حكومة غير قادرة على فرض تسعيرة ربطة الخبز أو حماية تنكة البنزين أو المازوت أو تأمين حبة دواء وحليب أطفال، أو تأمين مياه أو ضبط أسعار السلع الغذائية، أو منع احتكار الأسواق، ومنع لعبة الدولار، هي بالأولى ليست قادرة على أخذ قرار بالسلم والحرب بحجم حماية لبنان من وحش يتأهب دائما لابتلاعه، ومجلس الأمن وبيانات التنديد لا تستعيد الأوطان، والتجربة مرة، وهي واضحة عبر التاريخ. بصراحة أكثر، لولا وجود مقاومة قوية وصواريخ استراتيجية لكان لبنان مجرد مستعمرة يمارس فيها الصهيوني كل أنواع الاستعباد والهدم، كما فعل ويفعل في فلسطين والقدس وكنيسة المهد وكنيسة القيامة، وحي الشيخ جراح”.